تعفوا : في محل رفع بالابتداء ، أي وعفوكم أقرب للتقوى. واللّام بمعنى الى وتتعلّق بأقرب.
(وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) الخطاب للمطلّقة والوليّ في صورة المصلحة للعفو عن بعض الواجب لا الجميع على ما قدّمنا من منع الجميع. والإتيان بصيغة الجمع جاء بلحاظ تعدّد النساء والأولياء ، أو المرأة الواحدة وأوليائها ، كلّ أولئك مع الموصى لهم والوكلاء. فالمخاطب هو المجموع من حيث إنهم متعدّدون .. أما وجه أن العفو أقرب للتقوى ، فهو أولا : لأن من ترك حق نفسه لغيره كان عمله مستحسنا في غاية الحسن والزّهد والتقوى وثانيا : أن معناه : أقرب لاتّقاء معصية الله ، لأن من تزهّد وتجاوز عن حقه المشروع كان أقرب الى طاعة الله عزوجل. بخلاف من يعصيه ويطلب ما ليس له ..
ويحتمل ان يكون الخطاب عاما لجميع الناس ، والجملة مستأنفة. ومعناه يكون لترغيب البشر وتهذيب أنفسهم وتخلّقهم بحسن المزايا ، إذ ان العفو يكون منهم عمّا هو مقدور لهم أخذه من حقوقهم مع قدرتهم على الانتقام ممن ظلمهم ، والله تعالى عفو يحب أهل العفو والإحسان الى عباده. (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) أي لا تتركوا تبادل الإحسان فيما بينكم ، ولا تنسوا ما يتفضّل به الواحد منكم على الآخر من عمل المعروف. ويمكن أن تكون هذه الجملة في مقام بيان عامّ وضرب قاعدة كلّية ، فإن الإنسان بمقتضى الفطرة البشرية المطبوع عليها صاحب الفضيلة يحب التفضل على غيره والإحسان إليه حتى ولو كان من غير جنسه. والله تعالى في مقام التنبيه الى ما فطر الإنسان عليه كأنه يقول له : يا أيها الإنسان ، لا تنس ما فطرتك عليه يوم خلقتك. فإنني كوّنتك على سجيّة حب الفضل والجود على الغير ، فكن على حسب ما كوّنت. وهذا بعمومه يشمل المقام من باب : إياك أعني واسمعي يا جارة ، وذلك أن عفو المطلّقات لتمام حقهنّ أو لبعضه يحسب من الفضل والإحسان ، فما أجمل عند الله تعالى أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح دفعا