الأول : صون الرجال أنفسهم بالنسبة للأجنبيّات لئلا يقعوا فيما حرّم الله تعالى.
والثاني : صيانة الفروج عن اختلاط المياه واختلاط النّطف والنسل.
والثالث : حفظ النساء أنفسهنّ عن الأجانب من الرجال ، والتجنب منهم تماما ليتحصّنّ من الزّلل والخطل. (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ) وهذه الشريفة تنبيه وترهيب من العزم على ما لا يجوز شرعا ، فلا بدّ من الحذر منه ، ولذا قال تعالى : (فَاحْذَرُوهُ) بما نهاكم عنه ، وبمخالفة ما أمركم به ، وبارتكاب مالا يرضاه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) عبارة شريفة جاء بها سبحانه للترجّي بعد الترهيب والتحذير. أي لا تيأسوا من روحي ورحمتي فإني غفّار لعبادي إذا فعلوا عملا غير مرضيّ عندي وخالفوني في بعض أوامري ونواهي فلا أعاجلهم بالعقوبة وأمهلهم حتى يتوبوا إليّ فإني حليم أرأف بهم وأغفر لهم حتى كأنهم لم يذنبوا ولم يفعلوا شيئا إذا تابوا توبة نصوحا.
٢٣٦ ـ (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) ... أي لا تبعة ولا جرم. والمقصود من هذه الشريفة هو رفع التوهم من منع الطلاق في الصورتين المذكورتين ، لأنه فراق قبل النتيجة المطلوبة شرعا من النكاح ، وقطع لما كان يؤمل من ألفة الزواج وأفراحه ، إذ لم يكن ينتظر سوء صحبة من المرأة ولا أهلها ، بل المجاملة وحسن المعاشرة يدل على ذلك الاتفاق على الزواج وعدم المضايقة في تقديم الصّداق وفرضه في العقد ، وهذا كله كاشف عن كمال مساعدة المرأة لخاطبها في المزاوجة ، وعن رغبتها في هذا القران. فالتوهّم في محلّه ، ولذا دفعه الله تعالى ورفعه بقوله : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ) أي قبل أن تدخلوا بهنّ وقبل فرض الفريضة أي الصداق (أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) عطف على : تمسّوهنّ ، ولذا جزم بحذف نونه. وقد جاء العطف بأو ، لأنها تنبئ عن أنّ الجمع غير معتبر في نفي الجناح بخلاف الواو فإنها لو أتي بها لدلّت على