تظهروا طلاقهنّ كي لا يتزوّجن بغيركم ، أو جهرا فلا تمنعوا نساءكم المطلّقات عن التزوّج بعد انقضاء العدّة ظلما وحميّة. وقد نزلت هذه الآية المباركة نهيا للرجال عن ذلك بل الظاهر للأزواج خاصة بقرينة : وإذا طلّقتم ، في صدر الآية ، لأن الطلاق بأيديهم ، وبقرينة أخرى هي الآية السابقة التي خوطب بها الأزواج ، ومحطّ الكلام في سائر آيات الطلاق الآنفة الذكر واحد ، ولا فرق دالّا في البلوغين. والتوالي في الآيتين متفرعة على الموضوعين من البلوغين ، والفروق الأخر التي في ذيل الآيتين ليست بفروق ذات بال كما لا يخفى على المتأمل. والحاصل أنه ليس للأزواج على زوجاتهم سلطة بعد الطلاق وانقضاء العدّة ، وليس لهم حقّ في منعهن أن يفعلن بأنفسهنّ ما شئن ، بل الخيار لهنّ في اختيار أيّ زوج أردنه (إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) يعني إذا حصل التراضي بين المطلّقات ومن أراد التزوّج بهنّ بالمعروف : أي بأداء الحقوق والنفقات وحسن العشرة. (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) والإشارة بذلك ، هي للأحكام المذكورة آنفا. واختصاص الوعظ بالمؤمنين لأنهم هم المنتفعون بالوعظ. (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) أي أن العمل بما ذكر خير لكم وأنفع وأسلم من دنس الذنوب والعصيان (وَاللهُ يَعْلَمُ) يعرف ما فيه الصلاح (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك ولا تعرفون وجوه الحكمة لقصور علمكم وفهمكم.
* * *
(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا