للإضرار بهنّ وبلا رغبة بهنّ ولا حاجة إليهنّ (لِتَعْتَدُوا) أي لتجوروا وتتجاوزوا ما هو المشروع في حقهنّ من الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان. وأما الإمساك الضّراريّ فهو من الاعتداء والظلم لهنّ ، لأنه يقتضي تطويل المدة عليهن في حبال الرجال ، أو يلجئهنّ الى الافتداء والبذل للخلاص. وفي الفقيه عن الصادق عليهالسلام أنه قال في هذه الآية : الرجل يطلّق حتى إذا كادت المرأة أن يخلو أجلها راجعها ، ثم طلّقها ، يفعل ذلك ثلاث مرات ، فنهى الله عن ذلك (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي الإمساك الضّراري والاعتداء عليهنّ (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) لأن الاعتداء على المسلم موجب للعقاب ، وتعريض النفس للعقاب ظلم لها. (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً) أي اجتهدوا في رعاية آياته والعمل بها ، ولا تتهاونوا فيها. ويقال لمن لم يجدّ في أمر إنما أنت متهاون بالأمر وهازئ به ساخر منه. (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) أي نعمة الأزواج ونعمة الأموال التي تصلون بها الى الزوجات. الى جانب الصحة والعافية ، والهدى للإسلام والإقرار بالرسول المكرّم (ص) بقرينة قوله تعالى : (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ) أي القرآن الذي دلّ على الحلال والحرام والعلوم الجمّة. ولعل المراد بالحكمة : السنّة ، أي الشرائع المبيّنة لكم (يَعِظُكُمْ بِهِ) أي بما أنزل لتتّعظوا (وَاتَّقُوا اللهَ) وإياكم أن لا تتّعظوا ولا تتأثروا بمواعظ الله ونصائحه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) عالم عارف بالعمل بمواعظ القرآن وحكمه ، وبعدم العمل ، وبجميع ما يصدر منكم قولا وعملا حتى ما في ضمائركم. وفي الجملة تهديد صريح وتأكيد واضح.
٢٣٢ ـ (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) ... المراد بالبلوغ هاهنا هو غير البلوغ في الآية السابقة ، لأن البلوغ في السابقة بلوغ مقاربة كما قلنا ، أما هنا فهو بمعنى الانقضاء والانتهاء. أي فإذا انتهت عدّتهنّ وتمّت (فَلا تَعْضُلُوهُنَ) أي لا تمنعوهنّ من التزوّج بغيركم. وقيل إن الخطاب عام ، أي ليس لأحد ذلك. أو أنه موجّه للأزواج يعني أن تطلّقوهنّ سرا ولا