مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤) وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧))
٢٠٣ ـ (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) ... يعني أيّام التّشريق. والمراد بالذّكر هو التكبيرات والتّهليلات وغيرهما من الأدعية والاذكار التي ذكرت كيفيّتها كتب الفقه. وهذا الذكر عقب خمس عشرة صلاة في منى وعشر في غيرها. أولها مطلقا يوم النّحر. والمشهور عندنا هو الاستحباب وبعض منّا قال بالوجوب (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) أي أسرع في الخروج من منى بعد يوم النّحر ، في ثاني أيّام التّشريق بعد فراغه من رمي الجمار (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ تَأَخَّرَ) وبقي حتى رمى في اليوم الثالث من أيّام التّشريق (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ولو قيل : كيف قال الله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، مع أن المتعجّل تارك لبعض الأعمال وهو رمي اليوم الثالث. فإذا لم يكن آثما فبالأولى أن يكون من أتى بالرّمي كاملا لا إثم عليه فلا يحتاج إلى ذكره؟.
والجواب أن أهل الجاهليّة كانوا بين فريقين : فمنهم من جعل المتعجّل آثما لتركه الرّمي يوم الثالث ، ومنهم من عدّ المتأخّر آثما لأنه ترك الرّخصة بعقيدتهم ، مع أن الله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يجب أن تؤتى عزائمه. لذا أخبر الله تعالى بعدم الإثم في كلا الأمرين. فالنتيجة هي التّخيير بينهما كما هو الظاهر من الآية الشريفة ، أو معناه أن انتفاء الإثم