والله تعالى يقول : إنّي أنا الله الرّحمن الرّحيم ، أحبّ أن يطلب عبادي رحمتي. ولعلّ المراد بالحسنة الدّينويّة الصّحة والأمن وسعة الرزق وحسن الخلق. أما الحسنة الأخرويّة فهي رضوان الله تعالى. وعن مولانا عليّ عليهالسلام كما في المجمع : هي في الدنيا الزوجة الصالحة ، وفي العقبى الآخرة الحوراء. وعذاب النار امرأة السّوء.
٢٠٢ ـ (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ) ... إشارة إلى الداعين بطلب الحسنتين. ويجوز أن تكون الإشارة للطرفين ، فلكلّ نصيب (مِمَّا كَسَبُوا) أي من سنخ ما طلبوه قولا أو عملا. وإنّما سمّي الدّعاء هنا كسبا لأنه من الأعمال والأعمال موصوفة بالكسب (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) قادر على محاسبة الناس في قدر لمحة عين كما ورد في الخبر. بل قيل : يوشك أن تقوم القيامة وحساب المحشر مفروغ منه ، إذ يعطى كل واحد كتابه فيرى أعماله فيه بلا زيادة ولا نقصان ، فيقال للناس : إنما هي أعمالكم تردّ إليكم فلا يقدر أحد أن ينطق بشطر كلمة لأن الملائكة كانوا ينسخون ما يعمل كلّ واحد ويسجّلونه في كتابه. ويعضد هذا الاحتمال معنى آخر لسرعة الحساب وهو أنه تعالى يحاسب العبد في الدنيا ، في كل آن ولحظة ، فيجزيه على عمله في كل حركة وسكون ، ويكافئ طاعاته بالتوفيقات ، ويجازي معاصيه بالخذلانات ، فالخير يجرّ الخير ، والشّر يجلب الشرّ ويدعو إليه. ومن حاسب نفسه عرف هذا المعنى ، ولهذا قال أمير المؤمنين عليهالسلام : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.
* * *
(وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣) وَمِنَ النَّاسِ