حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي أن ما ذكر من التمتّع بالعمرة الى الحج للنائي. وهو من يكون بينه وبين مكة أكثر من اثني عشر ميلا من تمام الجهات. ومن كان دون ذلك فلا متعة له ولا عمرة عليه ، بل فرضه القران أو الإفراد (وَاتَّقُوا اللهَ) بالمحافظة على حدوده من أوامره ونواهيه سيّما الحج (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالفه تعالى في حدوده ولم يراعه فيها.
١٩٧ ـ (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ... أي أن وقته في شهور معروفة لدى الشارع الأقدس ، وهو شوّال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، كما عن الباقر والصادق عليهماالسلام. ومن أحرم للحج في غير هذه الشهور فلا حجّ له (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) والمراد بفرض الحج على ما في الكافي والعياشي عن الصادق عليهالسلام ، هو أنه قال : الفرض التّلبية والإشعار والتقليد ، فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحج. والمعنى أن من أوجب على نفسه الحج بأن البّ أو أتى بأحد أخويه المذكورين آنفا في الأشهر المذكورة (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) في الكافي والعياشي عن الصادق عليهالسلام : الرفث : الجماع ، والفسوق : الكذب والسّباب ، والجدال : قول الرجل لا والله ، وبلى والله. هذا ولعلّ نظر الإمام عليهالسلام في هذا التفسير هو بيان أحد مصاديق كيفية الجدال ، والّا فإن الجدال هو التخاصم والتنازع ، وهو أعمّ من هذا ، والله أعلم. والمراد بنفي الثلاثة هو النّهي والّا يلزم كذبها إذ بالوجدان هذه الثلاثة موجودة في الأشهر الثلاثة في الموسم : أي في وقت الحج بين الحجيج. وأمّا اختصاص الحج بالنّهي عنها مع كون بعضها حرّا لا مطلقا ، فإنه في الحج أقبح وأسمج كما أن لبس المغصوب قبيح مطلقا وهو في الصّلاة أقبح. ولو فعلها الحاجّ فعليه في الرّفث فساد الحج ، وفي الفسوق بقرة ، وفي الجدال شاة وكل ذلك في حال العمد (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) فلا يضيعه بل يثيب عليه. والآية الشريفة حاثّة على البر في الأمور العاديّة والاتفاقيّة (وَتَزَوَّدُوا) أي حصّلوا الزاد لآخرتكم بتقوى الله والأعمال الصالحة