الكاملة بالنفس الناقصة أن يردّ فضل ما بينهما. وكذلك رواه الطبري في تفسيره عن علي عليهالسلام .. وقيل بجواز قتل العبد بالحر والأنثى بالذكر إجماعا ، وليس في الآية ما يمنع عن ذلك ، لأنه لم يقل : ولا تقتل الأنثى بالذكر ، ولا العبد بالحر. فما تضمّنته الآية معمول به ، وما قلناه مثبت بالإجماع ، وبقوله سبحانه : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ..) وأما القول بأن آية القصاص مفسوخة فليس بثابت (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) أي الجاني الذي أعفاه وليّ الدم. والتعبير بالأخ جاء به ليعطف عليه ـ أي على الجاني ـ بالعفو من القصاص ، وأخذ الدية.
والمراد بالشيء : شيء من العفو ، وهو العفو من القصاص (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) أي على العافي أن يتّبع المعروف بأن لا يشدّد في طلبه الدية ، ولا يظلم الجاني باستزادة تعنيفه ، وفي ذلك توصية للعافي (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) وهذه توصية للجاني بأن لا يبخس حق الوليّ بأداء الدية ، ولا يماطله ، بل يشكره على عفوه والرضا بالقود ، ويحسن إلى العافي مهما أمكن ويقدّر عفوه بما هو مقدور له (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) أي أن تشريع هذا التخيير تسهيل فيه نفع كثير من ربّكم لكم جميعا فاشكروا آلاء الله ونعمه عليكم ولا تكفروها .. فلينظر الإنسان إلى ألطاف الله وإحسانه إليه. فمن ذلك أن الإنسان حال كونه قاتلا وجانيا لا تكون له الأهليّة بالترحّم والعطف ، ولا بدّ من تشريع القود وجعله واجبا عينيا عليه ، ومع ذلك جعل الواجب تخييريا تسهيلا للقاتل العمدي ، ثم أوصى العافي بأن يتّبع طريق المعروف معه فوا عجبا من هذا الكرم ، وهذا الجود وهذا اللطف وتلك المنّة على العباد! .. فيا من سبقت رحمته غضبه ، إن هذا الوصف لا ينبغي لأحد غيرك لأنك الحليم الكريم المنّان ... وفي كتاب العوالي روي أن القصاص في شرع موسى كان حتما ، والدية كانت حتما في شرع عيسى عليهماالسلام ، فجاءت الحنيفيّة السّمحة بتسويغ الأمرين معا (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) بأن يقبل الدّية والعفو عن القود ثم يعتدي بالقتل أو التمثيل حين القتل (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي