الآية الشريفة فأمرهم أن يتكافئوا (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) أي يقتصّ للحر بحر (وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) أي لا بدّ من التساوي عند القصاص. ومفهومه نفي ما كان مرسوما في الجاهلية من الترفّعات والتطاولات ، إذ كانوا يقتصّون للأنثى برجل ويقتلون بالعبد حرا.
وفي باب القصاص وردت أحاديث أخرى تعضد مفهوم الوصف ـ ولو لم نقل بمفهومه ـ وأيضا يعضده سبب النزول كما قلناه قبيل أسطر. فهذه وغيرها من المعاضدات الأخر التي لسنا بصدد ذكرها طرّا هاهنا. فإن قيل : كيف قال تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) : أي فرض ، مع أن القصاص ليس بفرض على وليّ الدم بل هو مخيّر فيه ، بل المندوب تركه بقرينة ذيل الآية حيث جعل العفو إحسانا وعدلا له ـ وقد أشرنا إلى هذا الإشكال آنفا؟ .. والجواب عنه :
أولا : أن القصاص هو جزاء الذّنب. فله حيثيّتان : أحدهما جهة الأخذ ، والثانية جهة الإعطاء. والجهة الأولى راجعة إلى أولياء الدم ، والثانية راجعة إلى القاتل. فلو طلب أولياء الدم القصاص ـ أي جزاء الذنب الصادر عن القاتل ـ ففرض على القاتل التمكين لهم من نفسه ليأخذوا جزاء ثأرهم وعوضه. ومعنى إعطاء القاتل الجزاء ، أي التمكين والتسليم. فيمكن أن يكون الكتب راجعا إلى القاتل ، لأنه في فرض المطالبة لا مفرّ له من تمكينهم من نفسه. والخطاب لا قصور له من شموله لوليّ الدم وللقاتل كما هو ظاهر هذا.
ثانيا : كتب ، أعمّ من الواجب العيني والتخييري. فحمله على التخييري لا محذور فيه. وهو جواب آخر عن الإشكال بأسره. نعم العدل في القصاص واجب على وليّ الدم إذا اختاره.
وفي التهذيب ، قال الصادق عليهالسلام : لا يقتل حرّ بعبد ، بل يضرب ضربا شديدا ، ويغرم دية العبد. وقال : إن قتل رجل امرأة فأراد أولياء المقتول أن يقتلوه ، أدوا نصف ديته الى أهل الرجل. وهذه هي حقيقة المساواة ، فإن نفس المرأة لا تساوي نفس الرجل ، بل هي على النّصف منها. فيجب إذا أخذت النفس