في الدنيا ، وما له في الآخرة من خلاق ، كما قال في مورد آخر : قل متاع الدنيا قليل (ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ) أي ألزمه به وأسوقه إليه عنفا لاستحقاقه له (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) لأنه مصير سّيء قبيح وعذاب لا ينقطع. قال السّجاد عليهالسلام : عنى بذلك من جحد وصيّه ولم يتّبعه من أمّته ، كذلك والله هذه الأمة.
١٢٧ ـ (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) ... القواعد : جمع القاعدة ، وهي من البيت أساسه الذي يبنى عليه. وقاعدة التمثال ما يقوم عليها. وفيما نحن فيه يراد به الأساس الذي كانت عليه القبة ، أي البقعة التي نزلت بها على آدم عليهالسلام ، وكانت لا تزال قائمة إلى أيام الطوفان أيام نوح عليهالسلام ، فلما غرقت الأرض رفع الله تعالى تلك القبة وبقي موضعها لم يغرق. ولهذا سمّي البيت البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق. وقد بعث الله يومئذ جبرائيل عليهالسلام فخطّ موضع القبة المرفوعة وعرّفها لإبراهيم وحدّ البيت طولا وعرضا وارتفاعا في الفضاء تسعة اذرع. ثم إنه دلّه عليهالسلام على موضع الحجر الأسود فاستخرجه إبراهيم عليهالسلام ووضعه في موضعه الذي هو فيه الآن. وقد جعل إبراهيم (ع) للبيت بابا إلى المشرق وبابا إلى المغرب ، والمغربيّ يسمّى المستجار. وجميع ما ذكرناه في شرح هذه الآية الكريمة استفدناه من الروايات. وفي بعضها قال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : فنادى أبو قبيس إبراهيم : إنّ لك عندي أمانة ـ وديعة ، فأعطاه الحجر فوضعه موضعه. فلا يبعد أن تكون الملائكة قد نقلته إلى جبل أبي قبيس حين الطوفان واستودعته هناك حين رفعت القبة الشريفة من طريق الماء ولا منافاة بين هذه الروايات وبين ما ذكرناه سابقا من أن جبرائيل (ع) دلّه على كونه في أبي قبيس أو في محل وجوده ... والبيت الحرام بحيال القبة المرفوعة إلى السماء ، والقبة هي المسماة بالبيت المعمور ، وهي مطاف الملائكة ومزارهم في السماء .. وقوله : (مِنَ الْبَيْتِ) بيان للقواعد.