الأبرار ، في قبال الأنفس الخبيثة القذوة من المشركين والكفار!. وقيل إن المراد بالتطهير تطهيره عن الأصنام التي كانت معلّقة على باب الكعبة وفي جوفها ، وهذا بعيد ، لأن ذكر الطوائف الثلاث في الآية الكريمة ، قرينة على صحة ما قلناه وبعد غيره من الاحتمالات لأن الأصنام ـ مثلا ـ وضعت بعد بناء البيت وبعد مضيّ إبراهيم وإسماعيل بزمن طويل .. والطائفون : هم الذين يطوفون حول البيت ويدورون سبعة أشواط تعبّدا ، والعاكفون : هم المعتكفون فيه ، أي المقيمون ليلا ونهارا للعبادة وتلاوة كتاب الله ، والرّكّع السجود : هم المصلّون ، واللفظتان جمع راكع وساجد. ولفظة : عهدنا ، لعل المراد بالعهد هو أمرهما بتطهير البيت الحرام عمّن ذكر ، أو معناه : شرطنا عليهما تطهير البيت من الأدناس ووكلنا ذلك إليهما ليبعدا عنه دنس الشّرك والكفر .. والدليل على التعميم هو ما في العلل والعياشي عن الصادق عليهالسلام أنه سئل : أيغتسل النساء إذا أتين البيت؟. قال : نعم ، إن الله يقول : (طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) ، فينبغي للعبد أن لا يدخل إلا وهو طاهر .. وورود مثله في كتاب الكافي الشريف.
١٢٦ ـ (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) ... كلمة : إذ ، متعلقة بالمقدّر أي : اذكر إذ. ولعل صدور هذا القول وهذه الدعوة كان بعد إتمامه عليهالسلام بناء البيت وعمارته ، فقال (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) هذا : إشارة للبيت الحرام باعتباره وما حوله ، سأل ربّه أن يجعله موضع أمن وأمان لكلّ من دخله فعل ما فعل أو قال ما قال. لكن لو كان دخوله استعاذة والتجاء به ، يحتمل أن يكون آمنا مما ذكر من سخط الربّ لأن دخوله حطّة للذنوب أيضا ، ولا بعد في ذلك حيث إن شأن هذا البيت وفضله عند ربّه أجلّ وأعظم مما يتصوّر. والروايات ناطقة بذلك وبأن زيارته كفّارة للذنوب. فقد قال إبراهيم عليهالسلام هنا : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) ، وقال في سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام على ما حكى الله تعالى :