بل العارفون بهما قليلون من قديم الزمان إلى حديثه ، وهم أندر من الكبريت الأحمر (١). فالإمام يجب أن يكون معصوما بحكم الآية الشريفة. ولا ينال مرتبة الإمامة ظالم ، وويل لمن أشرك ولم تثبت توبته وتحمّل أعباء الخلافة وحمل مقاليد الإمامة ، وتكلّفهما بالقهر والافتراء!.
١٢٥ ـ (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً) ... عطف على قوله : (وَإِذِ ابْتَلى) ، وذاك معطوف على قوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ). والبيت هو بيت الله الحرام ـ الكعبة أعزّها الله ـ وروي في وجه تسميته بالبيت الحرام ، أنه حرّم على المشركين أن يدخلوه وسمّيت الكعبة هكذا لأن من معانيها : المربّع. وبيت الله مربّع فلذا سمّي : الكعبة. وقد صارت مربّعة لأنها بحذاء البيت المعمور ، وهو مربّع بحذاء العرش الذي هو مربع. وقد صار العرش مربّعا لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع ، وهي : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر. فهذا البيت المحرّم ، المقدّس ، جعله الله (مَثابَةً لِلنَّاسِ) أي مجمعا يحجّون إليه ويرجعون عند التوبة واللّجأ إلى الله ، ويثابون بحجّهم في كل مرة يوفّقون للتشرّف به (٢) ، وقد جعله الله تعالى أيضا (أَمْناً) أي موضع أمن ، كقوله : حرما آمنا. وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : أنّ من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن من سخط الله عزوجل .. والبيت قد جعل الله له في نفوس العرب تعظيما ، وقد كانوا لا يتعرّضون لمن فيه ، حتى أنّ الرجل منهم ـ قبل الإسلام ـ كان يرى قاتل أبيه في الحرم فلا يتعرّض له بسوء. وهذا شيء توارثوه من دين إسماعيل عليهالسلام وبقوا عليه إلى عصر نبيّنا
__________________
(١) قال النبيّ (ص): يا عليّ ، لا يعرفك إلّا الله وأنا .. الحديث.
(٢) عن ابن عباس ، وقد ورد في الخبر : أنّ من رجع من مكة وهو ينوي الحجّ من قابل ، زيد في عمره ، ومن خرج من مكة وهو لا ينوي العود إليها فقد اقترب أجله.