بخلاف سورة الإخلاص ، فإن المصلّي مخيّر بينها وبين غيرها من السّور. وهذا يكشف عمّا ذكرناه.
ب ـ نزولها :
هي مكّية ، وعلى قول أنها نزلت في المدينة ثانيا. (١) ولها أسماء :
١ ـ فاتحة الكتاب : لأنها مفتتحه أو مفتاحه.
٢ ـ وأمّ الكتاب : لاشتمالها على جمل معانيه ، أي على خلاصة ما فصّل في الكتاب.
وبيان ذلك : أنها مشتملة على معاني القرآن بصورة اللّف ، من الثّناء على الله بما هو أهله ، ومن التعبّد بالأمر والنّهي ، والوعد والوعيد (٢). فكأنّ الكتاب نشأ وتكوّن منها بالتفصيل بعد هذا الإجمال. أو أنها كمكّة التي سميّت أمّ القرى ، لأن الأرض تكوّنت ودحيت منها. والعرب من شأنهم أن يسمّوا ما يحتوي على أشياء ، أو هو جامع لمطالب وأصول ومقاصد ورؤوس مطالب : أمّا ، كما يسمّون الجلدة الجامعة للدّماغ بمختلف حواسّه : أمّ الرّأس.
ونذكر في المقام رواية واحدة عن عظمة فاتحة الكتاب :
ففي مجمع البيان ، روي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن النبيّ صلوات الله عليهم : لما أراد الله عزوجل أن ينزل فاتحة الكتاب ،
__________________
(١) هذا القول يجيء بنظري ساقطا ، لأن نزولها ثانيا لا يترتب عليه إلا التكرار ولا وجه له ، ففي المدينة جرى تحويل الوجوه في الصلاة نحو البيت الحرام بعد ان كان التوجه نحو بيت المقدس وقد كان المسلمون يصلّون بقراءة الفاتحة قبل الهجرة الى المدينة. ولم يحصل في الصلاة أي تبدل أو تغير في سورة الفاتحة أو في غيرها من أجزاء الصلاة ، فلا حاجة الى الأخذ بقول لم نقع فيه على آية أو رواية.
(٢) وهذه الأمور أصوله وأركانه.