وقال : «الإيمان بضع وسبعون بابا ادناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله» (١). مع أشياء كثيرة (٢)».
التعليق :
كما قدمت فى نهاية المبحث السابق أن الإمام أحمد يركز فى رده على المرجئة على القاسم المشترك بينهم وهو : إنكارهم أن يكون العمل من الإيمان ، وهو هنا يحتج عليهم ببعض الآيات والأحاديث الدالة صراحة على ما ذهب إليه أهل السنة من دخول الأعمال فى الإيمان وما نقلناه عن الإمام أحمد ما هو إلا غيض من فيض مما يحتج به عليهم من دخول الأعمال فى الإيمان.
يقول الآجرى : إنكم إن تدبرتم القرآن كما أمركم الله عزوجل ، وعلمتم أن الله عزوجل أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله العمل ، وأنه عزوجل لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضى عنهم وأنهم قد رضوا عنه ، وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة والنجاة من النار إلا بالإيمان والعمل الصالح وقرن مع الإيمان العمل الصالح ، لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده ، حتى ضم إليه العمل الصالح الّذي قد وفقهم إليه فصار الإيمان لا يتم لأحد حتى يكون مصدقا بقلبه وناطقا بلسانه وعاملا بجوارحه لا يخفى على من تدبر القرآن وتصفحه وجده كما ذكرت واعلموا ـ رحمنا الله وإياكم ـ أنى قد تصفحت القرآن فوجدت فيه ما ذكرته فى ستة وخمسين موضعا من كتاب الله عزوجل. ا ه. وقد ذكر رحمهالله تلك المواضع جميعها (٣).
وحديث وفد عبد القيس من الأدلة القوية التى ذهب إليها الإمام أحمد فقد نقل عنه احتجاجه بهذا الحديث فى عدة روايات.
__________________
(١) أخرجه أحمد : ٢ / ٤١٤ ، ٤٤٥ والبخارى : ١ / ٥١ ومسلم : ١ / ٦٣ والترمذي : ٥ / ١٠ وأبو داود : ٥ / ٥٥. من حديث أبى هريرة بألفاظ متقاربة.
(٢) انظر كتابه إلى أبى عبد الرحيم وما جاء فيه فى السنة للخلال : (ق : ١٠٨ / ب).
(٣) انظر : الشريعة من ص : ١٢٢ ـ ١٣٢.