العمل من الإيمان
فيبينه بقوله : «ثم العمل غير الإيمان والإيمان غير العمل بدليل أن كثيرا من
الأوقات يرتفع العمل عن المؤمن ولا يجوز أن يقال : يرتفع عنه الإيمان ، فإن الحائض
ترتفع عنها الصلاة ، ولا يجوز أن يقال يرتفع عنها الإيمان ، أو أمر لها بترك
الإيمان ، وقد قال لها الشارع دعى الصوم ثم اقضيه ، ولا يصح أن يقال دعى الإيمان
ثم اقضيه ، ويجوز أن يقال : ليس على الفقير زكاة ، ولا يجوز أن يقال ليس على
الفقير الإيمان ».
ويقول أيضا : «الإيمان
إقرار باللسان وتصديق بالجنان ، والإقرار وحده لا يكون إيمانا ، لأنه لو كان
إيمانا لكان المنافقون كلهم مؤمنين ، وكذلك المعرفة وحدها أى مجرد التصديق لا يكون
إيمانا لأنها لو كانت إيمانا لكان أهل الكتاب كلهم مؤمنين قال الله تعالى فى حق
المنافقين (وَاللهُ يَشْهَدُ
إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) أى فى دعواهم الإيمان ، حيث لا تصديق لهم. وقال الله تعالى
فى حق أهل الكتاب : (الَّذِينَ
آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) وبعد هذا العرض الموجز لمذهب الإمام أبى حنيفة فى الإيمان
، قد يتساءل البعض هل هذا الإرجاء المنسوب إلى أبى حنيفة من جنس قول غلاة المرجئة
: «لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة»؟ والجواب لا.
يقول شارح
الطحاوية : والاختلاف الّذي بين أبى حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنة اختلاف
صورى. فإن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب ، أو جزءا من الإيمان ، مع
الاتفاق على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان بل هو فى مشيئة الله ، إن شاء
عذبه وإن شاء عفا عنه ـ نزاع لفظى ، لا يترتب عليه فساد اعتقاد .
__________________