فى النار ، وخالفوهم فى إطلاق القول بتكفير مرتكب الكبيرة فهم يرون أن مرتكب الكبيرة فى منزلة بين المنزلتين (١) بمعنى أنه خرج من الإيمان ولم يدخل فى الكفر (٢).
مرجئة الحنفية :
الإمام أبو حنيفة (٣) ـ رحمهالله ـ أحد الأئمة الأربعة الذين بذلوا جهودا كبيرة فى خدمة هذا الدين ولست فى مقام إبراز فضائل هذا الإمام الجليل فهى معروفة للقاصى ووالداني. إلا أن شأنه شأن بقية العلماء عرضة فى جميع أقوالهم للصواب والخطأ. وكما قال الإمام مالك رحمهالله : كل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر ـ يعنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة فى الإيمان لم يقره عليه أئمة السلف حيث يرى أن الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالجنان. فهو ـ رحمهالله ـ ينكر أن يكون العمل ركنا فى الإيمان ومن أجل هذا نسب إلى الإرجاء (٤). والإمام أحمد يطلق هذه الصفة على كل من أخرج العمل عن الإيمان (٥) وعلى من قال الإيمان لا يزيد ولا ينقص (٦). وهو ما أثر عن أبى حنيفة رحمهالله أيضا (٧). أما ما يتعلق بإخراجه
__________________
(١) سيأتى عرض للأصول الخمسة عند المعتزلة ومن ضمنها المنزلة بين المنزلتين ص : ٢ / ٣٧٤.
(٢) انظر : الأصول الخمسة ص : ٧٠٧ ، الفصل في الملل لابن حزم : ٣ / ١٨٨ ، مجموع الفتاوى : ٧ / ٢٢٣ ، أصول الدين للبغدادى ص : ٢٤٩.
(٣) هو : النعمان بن ثابت الكوفى ، يقال أصله من فارس ويقال مولى بنى تيم ، فقيه مشهور. توفى سنة خمسين ومائة على الصحيح ، وله سبعون سنة ، تقريب : ٢ / ٣٠٣.
(٤) انظر : مقالات الإسلاميين : للأشعرى : ١ / ٢٢١ ، الملل والنحل لابن حزم : ٢ / ١٨١ ، وللشهرستانى : ١ / ١٤١ ، الإيمان لابن تيمية ص : ١١٤.
(٥) فى رواية حرب الكرمانى وأبى بكر المروزي وأحمد بن الحسين بن حسان وأحمد بن أصرم : لما سئل عن المرجئة ـ وعند بعضهم ـ عن المرجئ قال المرجئ الّذي يقول الإيمان قول. انظر : السنة للخلال (ق : ٩٤ / أ) وانظر : «قول الإمام أحمد في المرجئة» ص : ٢ / ٣٦٩.
(٦) في رواية إسماعيل بن سعيد الشالنجى : سألت أحمد عن من قال : الإيمان يزيد وينقص؟ قال : هذا بريء من الإرجاء. انظر السنة للخلال (ق : ٩٧ / أ) وللمزيد انظر : أبواب الزيادة والنقص في الإيمان ص : ٨٩.
(٧) سيأتى عرض لأقواله فى هذا الجانب عند الكلام على زيادة الإيمان ونقصانه ص : ١٠٢.