أما اللفظ الثانى : والّذي جاء فى حديث ابن عمر ـ فقد قال بعد أن روى الحديث: «والّذي عندى فى تأويل هذا الخبر إن صح من جهة النقل موصولا فإن فى الخبر عللا ثلاثا : إحداهن : أن الثورى قد خالف الأعمش فى إسناده ، فأرسل الثورى ولم يقل عن ابن عمر. والثانية : أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبى ثابت. والثالثة : أن حبيب بن أبى ثابت أيضا مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء ... فإن صح هذا الخبر مسندا فمعناه عندنا أن إضافة الصورة إلى الرحمن فى هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه لأن الخلق يضاف إلى الرحمن لأن الله صورها (١) ... فمعنى الخبر إن صح من طريق النقل مسندا فإن ابن آدم خلق على الصورة التى خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح. ثم ذكر أدلته على صحة هذا التأويل. كما قال (٢). قال الذهبى فى ترجمة حمدان بن الهيثم : وقد أتى بشيء منكر عن أحمد بن حنبل فى معنى قوله عليه الصلاة والسلام : «إن الله خلق آدم على صورته» زعم أنه قال : صور الله آدم قبل خلقه على تلك الصورة (٣).
فأما أن يكون خلق الله آدم على صورته فلا. فقد قال تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ويدل على بطلان روايته هذه ما رواه حمدان بن على الوراق ثم ذكر روايته السابقة (٤).
قال الحافظ ابن حجر : «واختلف إلى ما ذا يعود الضمير فقيل إلى آدم أى خلقه على صورته التى استمر عليها إلى أن أهبط وإلى أن مات (٥). دفعا لتوهم من يظن أنه لما كان فى الجنة كان على صفة أخرى أو ابتدأ خلقه كما وجد لم ينتقل فى النشأة كما ينتقل ولده من حالة إلى حالة (٦).
__________________
(١) المصدر السابق : ص : ٣٨.
(٢) وتبعه على هذا التأويل المازرى. انظر مسلم بشرح النووى : ١٦ / ١٦٦. ونحو هذا نقل الخطابى عن البعض. انظر : الأسماء والصفات للبيهقى ص : ٣٧١.
(٣) راجع التوحيد : ص : ٣٩ ـ ٤١.
(٤) انظر ما ذكره أبو يعلى ابن الفراء حول رواية ابن الهيثم هذه فى إبطال التأويلات (ق : ٥٦).
(٥) انظر : ميزان الاعتدال : ١ / ٦٠٢ ـ ٦٠٣.
(٦) وبهذا تأوله الخطابى. انظر : الأسماء والصفات للبيهقى ، ص : ٣٧٠.