وقيل للرد على الدهرية إنه لم يكن إنسان إلا من نطفة ولا تكون نطفة إنسان إلا من إنسان ولا أول لذلك فبين أنه خلق من أول الأمر على هذه الصورة وقيل للرد على الطبائعيين الزاعمين أن الإنسان قد يكون من فعل الطبع وتأثيره وقيل للرد على القدرية الزاعمين أن الإنسان يخلق فعل نفسه. وقيل إن لهذا الحديث سببا حذف من هذه الرواية وأن أوله قصة الّذي ضرب عبده فنهاه النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك وقال له إن الله خلق آدم على صورته.
وقيل الضمير لله وتمسك قائل ذلك بما ورد فى بعض طرقه «على صورة الرحمن والمراد بالصورة الصفة. والمعنى أن الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك (١) وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء. اه (٢).
وقال ابن حجر ـ أيضا فى موضع آخر ـ : واختلف فى الضمير على من يعود فالأكثر على أنه يعود على المضروب لما تقدم من الأمر بإكرام الوجه ولو لا أن المراد التعليل بذلك لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها.
وقال القرطبى : أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد فى بعض طرقه «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن» قال : وكان من رواه أورده بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط فى ذلك.
وقد أنكر المازرى ومن تبعه صحة هذه الزيادة «على صورة الرحمن» ثم قال المازرى : وعلى تقدير صحتها فيحمل على ما يليق بالبارى سبحانه وتعالى.
قال الحافظ ردا على المازرى فى إنكاره صحتها :
قلت : الزيادة أخرجها ابن أبى عاصم فى السنة والطبرانى من حديث ابن عمر بإسناد رجاله ثقات.
__________________
(١) وهذا التأويل ذكره الرازى وقال : فيكون المعنى أن آدم عليهالسلام امتاز عن سائر الأشخاص والأجسام بكونه عالما بالمعقولات قادرا على استنباط الحرف والصناعات وهذه صفات شريفة مناسبة لصفات الله من بعض الوجوه.
(٢) فتح البارى : ١١ / ٣.