يقول شارح الطحاوية : افترق الناس فى مسألة الكلام على تسعة أقوال :
أحدها : أن كلام الله هو ما يفيض على النفوس من معانى إما من العقل الفعال عند بعضهم ، أو من غيره ، وهذا قول الصابئة والمتفلسفة.
ثانيها : أنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه. وهذا قول المعتزلة.
ثالثها : أنه معنى واحد قائم بذات الله ، هو الأمر والنهى والخبر والاستخبار وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة وهذا قول ابن كلاب (١) ومن وافقه كالأشاعرة (٢) وغيره.
رابعها : أنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة فى الأزل وهذا قول طائفة من أهل الكلام ومن أهل الحديث.
خامسها : أنه حروف وأصوات لكن تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلما ، وهذا قول الكرامية وغيرهم.
سادسها : أن كلامه يرجع إلى ما يحدث من علمه وإرادته القائم بذاته ، وهذا يقوله صاحب المعتبر ويميل إليه الرازى فى المطالب العالية.
سابعها : أن كلامه يتضمن معنى قائما بذاته هو ما خلقه فى غيره وهو قول أبى منصور الماتريدى.
ثامنها : أنه مشترك بين المعنى القائم بالذات وبين ما يخلقه فى غيره من الأصوات. وهذا قول أبى المعالى ومن اتبعه (٣).
__________________
(١) هو : عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان البصرى المتكلم ، كانا يلقب كلابا لأنه كان يجر الخصم إلى نفسه ببيانه وبلاغته. قال الذهبى : صاحب التصانيف فى الرد على المعتزلة وربما وافقهم. ا ه. وهو أول من عرف عنه القول بأن الكلام معنى واحد قائم بالنفس وأنه عزوجل لم يتكلم بصوت. توفى فى حدود الأربعين ومائتين.
انظر ترجمته فى : الفهرست لابن النديم ص : ٢٣٠ ، وسير أعلام النبلاء ١١ / ١٧٤ ، وطبقات الشافعية للسبكى ٢ / ٢٩٩.
وانظر : مذهبه فى : مقالات الإسلاميين ١ / ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٣٥٠ ، مجموع الفتاوى لابن تيمية ٦ / ٥٢٨.
(٢) تقدم الكلام عن عقيدة أبى الحسن الأشعرى فأغنى عن إعادته هنا. راجع ص : ٧٤.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية ص : ١٧٩ ـ ١٨٠.