قال أحمد رضى الله عنه : فلما خنقته الحجج قال : إن الله كلم موسى إلا أن كلامه غيره. فقلنا : وغيره مخلوق. قال : نعم. فقلنا : هذا مثل قولكم الأول إلا أنكم تدفعون عن أنفسكم الشنعة بما تظهرون.
(ق ٢١ / ب) وقلنا للجهمية : من القائل يوم القيامة : (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ) (١) أليس الله هو القائل : قالوا يكون شيئا يعبر عن الله كما كون شيئا فعبر لموسى. فقلنا : فمن القائل : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٢) أليس الله هو الّذي يسأل. قالوا : هذا كله إنما يكون شيئا يعبر عن الله فقلنا لهم : قد أعظمتم على الله الفرية حين زعمتم أنه لا يتكلم فشبهتموه بالأصنام التى تعبد من دون الله لأن الأصنام لا تتكلم ولا تنطق (ق ٢٢ / أ) ولا تتحرك ولا تزول من مكان إلى مكان فلما ظهرت عليه الحجة قال : إن الله تعالى قد تكلم ولكن كلامه مخلوق. فقلنا : وكذلك بنو آدم كلامهم مخلوق فشبهتم الله بخلقه حين زعمتم أن كلامه مخلوق ففى مذهبكم أن الله قد كان فى وقت من الأوقات لا يتكلم حتى خلق التكلم وكذلك بنو آدم لا يتكلمون حتى خلق لهم كلاما فجمعتم بين كفر وتشبيه فتعالى الله عن هذه الصفة علوا كبيرا (٣).
(ق ٢٥ / ب) وقلنا لهم : زعمتم أن الله لم يتكلم فبأى شيء خلق الله الخلق «قالوا» أموجود عن الله تبارك تعالى أنه خلق الخلق بقوله وكلامه. (قلنا) وحين قال : (إِنَّما) (ق ٢٦ / أ) (قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤). قالوا إنما معنى قوله : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). قلنا لهم : فلم أخفيتم (أَنْ نَقُولَ لَهُ) قالوا : إنما معنى كل شيء فى القرآن معانيه قال الله مثل قول العرب : قال الحائط وقالت النخلة فسقطت والحائط
__________________
(١) سورة المائدة / ١١٦.
(٢) سورة الأعراف / ٦.
(٣) أورده ابن تيمية فى مجموع الفتاوى ٦ / ١٥٣ ـ ١٥٥.
(٤) سورة النحل / ٤٠.