لِذِكْرِي) (١) أو (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) (٢) فمن زعم ذلك فقد ادعى الربوبية ولو كان كما زعم الجهمى أن الله كون شيئا كان يقول ذلك المكون (يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣) لا يجوز له أن يقول : (إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) وقال الله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (٤) وقال : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) (٥) وقال : (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) (٦) فهذا منصوص القرآن.
وأما ما قالوا : إن الله لم يتكلم ولم يكلم فكيف بحديث الأعمش ، عن خيثمة ، عن عدى بن حاتم الطائى قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان» (٧).
وأما قولهم : إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان أليس قال الله تعالى للسماوات والأرض : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٨) أترى أنها قالت بجوف وشفتين ولسان وأدوات ، وقال الله تعالى (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ) (٩) أتراها (سبحت) (١٠) بفم وجوف ولسان وشفتين.
والجوارح إذا شهدت على الكفار فقالوا : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (١١) أتراها أنها بجوف وفم وشفتين ولسان ولكن الله أنطقها كيف شاء فكذلك تكلم الله كيف شاء من غير أن نقول فم ولا لسان ولا شفتان ولا جوف.
__________________
(١) سورة طه / ١٤.
(٢) سورة طه / ١٢.
(٣) سورة القصص / ٣٠.
(٤) سورة النساء / ١٦٤.
(٥) سورة الأعراف / ١٣٤.
(٦) سورة الأعراف / ١٤٤.
(٧) أخرجه البخارى : ١١ / ٤٠٠ ، وأحمد ٤ / ٢٥٦ ، والترمذي ٤ / ٦١١ ، وابن ماجه ١ / ٦٦.
(٨) سورة فصلت / ٢١.
(٩) سورة الأنبياء / ٧٩.
(١٠) ما بين القوسين ليس من الأصل والمثبت من المطبوع.
(١١) سورة فصلت / ٢١.