التعليق :
بدعة اللفظية هذه ظهرت في زمن الإمام أحمد ، وأول من نطق بها أبو على الكرابيسى (١).
قال الإمام الطبرى : «وأما القول فى ألفاظ العباد بالقرآن فلا أثر فيه نعلمه عن صحابى مضى ولا تابعى قضى ، إلا عمن فى قوله الغناء والشفاء رحمة الله عليه ورضوانه. وفى اتباعه الرشد والهدى ومن يقوم قوله لدينا مقام قول الأئمة الأولى ، أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضى الله عنه» اه. (٢)
وقد اشتد إنكار الإمام أحمد على من قال هذه المقولة وعد اللفظية جهمية ، وهى قد تكون ذريعة يتستر خلفها من يعتقد أن القرآن مخلوق. حيث أنه لا داعى لهذه المقولة المبتدعة : فالقرآن الكريم كلام الله عزوجل غير مخلوق وفى كل موضع وبكل جهة وعلى كل حال فهو كلام الله عزوجل المتكلم به حقا لفظه ومعانيه (٣).
يقول ابن القيم : والّذي قصده أحمد أن اللفظ يراد به أمران :
أحدهما : الملفوظ نفسه وهو غير مقدور للعبد ولا فعل له.
__________________
(١) هو : الحسين بن على بن يزيد البغدادى ، صحب الشافعى وهو من كبار أصحابه. قال الخطيب : يعز وجود حديثه جدا لأن أحمد بن حنبل كان يتكلم فيه بسبب مسألة اللفظ. وكان هو أيضا يتكلم فى أحمد فتجنب الناس الأخذ عنه لهذا السبب. وقال ابن عبد البر : كان عالما مصنفا متقنا وكان نظارا جدليا وكان فيه كبر عظيم. توفى سنة ثمان وأربعين وقيل خمس وأربعين ومائتين. قلت : انظر الروايات عن الإمام أحمد فى التحذير من الكرابيسى لأجل بدعته فى مسائل ابن هانئ ٢ / ١٥٤ ، وفى طبقات الحنابلة ١ / ٤١ من رواية أحمد بن أبى بكر المقرئ : ١ / ٧٥ من رواية أحمد ابن محمد الصائغ ، ١ / ٢٣٣ من رواية على بن أبى خالد ، ١ / ٢٨٨ من رواية محمد بن الحسن بن هارون ، ١ / ٤١٤ من رواية يعقوب بن إبراهيم الدورقى. وانظر : سيرة الكرابيسى فى ت / بغداد ٨ / ٦٤ ، وميزان الاعتدال ١ / ٥٤٤ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٧٩ ، والتهذيب ٢ / ٣٩ ، وطبقات الشافعية للسبكى ٢ / ١١٧.
(٢) صريح السنة للطبرى ص : ٢٥ ـ ٢٦.
(٣) انظر : تذكرة الحفاظ للذهبى ٢ / ٧٤٨ ، ومجموع الفتاوى لابن تيمية ١٢ / ٩٨ ، ٣٠٦ ـ ٣٠٨ ، ٣٧٣ ، ٥٦٧.