وما نقل الإمام أحمد ـ هنا ـ من أدلة على تكفير هؤلاء وما تقدم فى نقضه على الجهمية هو غاية فى الدقة والإلزام.
ومن أراد الاستزادة فليراجع الرد على الجهمية للدارمى فقد عقد فصلا عنون له ب : باب الاحتجاج فى إكفار الجهمية (١) لكن هل تكفير السلف لهؤلاء يعتبر ناقلا عن الملة أم لا.
للجواب عن مسألة التكفير بصفة عامة اكتفى بما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ وفيه الغنية ـ إذ يقول رحمهالله : «... إذا ظهرت هذه المقدمات فى اسم المؤمن والكافر ، والفاسق الملى وفى حكم الوعد والوعيد ، والفرق بين المطلق والمعين ، وما وقع فى ذلك من الاضطراب ، ف «مسألة تكفير أهل البدع والأهواء» متفرعة على هذا الأصل.
ونحن نبدأ بمذهب أئمة السنة فيها قبل التنبيه على الحجة فنقول : المشهور من مذهب الإمام أحمد ، وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية وهم المعطلة لصفات الرحمن ، فإن قولهم صريح فى مناقضة ما جاءت به الرسل من الكتاب ، وحقيقة قولهم جحود الصانع ، ففيه جحود الرب. وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله ... ولهذا كفروا من يقول القرآن مخلوق ، وأن الله لا يرى فى الآخرة وأن الله ليس على العرش ، وأن الله ليس له علم ولا قدرة ولا رحمة ولا غضب ونحو ذلك من صفاته (٢).
وأما المرجئة فلا تختلف نصوصه أنه لا يكفرهم ، فإن بدعتهم من جنس اختلاف الفقهاء فى الفروع ، وكثير من كلامهم يعود النزاع فيه إلى نزاع فى الألفاظ والأسماء ، ولهذا يسمى الكلام فى مسائلهم «باب فى الأسماء» وهذا من نزاع الفقهاء ، لكن يتعلق بأصل الدين ، فكان المنازع فيه مبتدعا (٣).
__________________
(١) انظر : ذلك ضمن كتاب عقائد السلف ص : ٣٤٦ ـ ٣٥٦. وراجع أيضا : الشريعة للآجرى ص : ٧٥ ـ ٧٩.
(٢) انظر : قول الإمام أحمد فى الجهمية ص : ٢ / ٣٦٨.
(٣) انظر : قول الإمام أحمد فى المرجئة ص : ٢ / ٣٦٢.