القرآن وهو كما رأينا أطلق القول بكفر من قال بخلق القرآن الكريم وهو ما انعقد عليه إجماع سلف الأمة (١).
وسأذكر فى المبحث التالى بعض ما استدل به الإمام أحمد على كفر هؤلاء. ومما يجدر ذكره أن كثيرا من السلف لم يعد الجهمية من الفرق الثنتين والسبعين التى افترقت عليها الأمة (٢). وقد نقل عن ابن المبارك قوله : إنا نستجيز أن نحكى كلام اليهود والنصارى ولا نستجيز أن نحكى كلام الجهمية (٣).
أدلة الإمام أحمد على تكفير من قال بخلق القرآن
(قال ابن أبى يعلى فى ترجمة) : يعقوب بن إبراهيم الدورقى : جالس إمامنا وسأله عن أشياء رواها عنه (٤) من ذلك ما قرأته فى كتاب أبى بكر الخلال قال :
١٧٨ ـ أخبرنى على بن هارون (٥) قال : حدثنى محمد بن أبى هارون الوراق قال : سمعت يعقوب بن إبراهيم الدورقى قال : سألت أحمد بن حنبل عمن يقول : القرآن مخلوق؟ فقال : كنت لا أكفرهم حتى قرأت آيات من القرآن : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (٦) وقوله : (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (٧) وقوله : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) (٨) فالقرآن من علم الله ومن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر (٩).
__________________
(١) انظر : خلق أفعال العباد للبخارى ص : ١٤ ، والرد على الجهمية للدارمى ص : ٣٥٠ ، ورد الدارمى على المريسى ص : ٤٧٦ ـ ضمن عقائد السلف ـ والسنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل ص : ٩ ، وشرح أصول السنة للالكائى : ٢ / ٢٧٧ ـ ٣١٢.
(٢) انظر : شرح العقيدة الطحاوية ص : ٥٩١ ، ومجموع الفتاوى لابن تيمية : ٢ / ٤٨٦.
(٣) السنة لعبد الله بن أحمد ص : ١٣ ، ورد الدارمى على المريسى ص : ١٠٩.
(٤) وقد تقدمت ترجمته ص : ١٨٧.
(٥) لعله الحنبلى ، حدث عن إسحاق بن إبراهيم البغوى وعنه الطبرانى. ت / بغداد : ١١ / ٣٧٧.
(٦) سورة البقرة / ١٢٠.
(٧) سورة آل عمران / ٦١.
(٨) سورة النساء / ١٦٦.
(٩) طبقات الحنابلة : ١ / ٤ / ٤١٤ ولم أجده فى كتاب السنة للخلال ولعله فى الأجزاء المطموسة التى لم أستطع قراءتها خاصة وأنها متعلقة بمسألة القرآن أو لعل ذلك فى كتاب آخر له.