من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) لا يجيئه بل يجيء ثوابه. لأنا نقرأ القرآن فنقول : كلام الله لا يجيء فلا يتغير من حال إلى حال (١).
التعليق :
من خلال دراسة موقف الإمام أحمد من القرآن الكريم يتضح لنا مذهب سلف الأمة بأن القرآن الكريم كلام الله عزوجل غير مخلوق منه بدا وإليه يعود. وقد ساق رحمهالله من الأدلة الواضحة والبراهين القاطعة ما يدل على صحة هذا الاعتقاد وسلامته ويدحض فى نفس الوقت شبه المبتدعة وادعاءاتهم.
ولا شك أن ما نقل عن الإمام أحمد يفى بالغرض فى كشف زيغ المبتدعة
__________________
(١) الكلام حول هذا الحديث وما شابهه وتفسير أحمد له سيأتى بصورة مفصلة عند قول الإمام أحمد فى : «الإتيان والمجىء» إلا أنى سأورد هنا ما يقتضيه الحال ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : وأيضا وقع النزاع بين أصحابه ، هل اختلف اجتهاده فى تأويل المجىء والإتيان والنزول ونحو ذلك لأن حنبلا نقل عنه فى المحنة أنهم لما احتجوا عليه بقول النبي صلىاللهعليهوسلم : تجيء البقرة وآل عمران كأنما غمامتان أو غيابتان ، أو فرقان من طير صواف ونحو ذلك من الحديث الّذي فيه إتيان القرآن ومجيئه. وقالوا له : لا يوصف بالإتيان والمجىء إلا مخلوق فعارضهم أحمد بقوله [أ] ، وأحمد وغيره من أئمة السنة فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجىء ثواب البقرة وآل عمران [ب] كما ذكر مثل ذلك عن مجىء الأعمال فى القبر والقيامة والمراد منه ثواب الأعمال ، والنبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اقرءوا البقرة وآل عمران ...» وهذا الحديث فى الصحيح (ح) فلما أمر بقراءتهما وذكر مجيئهما يحاجان عن القارئ علم أنه أراد بذلك قراءة القارئ لهما وهو عمله وأخبر بمجيء عمله الّذي هو التلاوة لهما فى الصورة ذكرها كما أخبر بمجيء غير ذلك من الأعمال ... والمقصود هنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما أخبر بمجيء القرآن فى هذه الصورة أراد به الإخبار عن قراءة القارئ التى هى عمله وذلك هو ثواب قارئ القرآن ليس المراد أن نفس كلامه الّذي نفسه يتصور صورة غمامتين فلم يكن فى هذا حجة للجهمية على ما ادعوه [د]. مجموع الفتاوى : ٥ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ وسيأتى الكلام بالتفصيل حول رواية حنبل هذه عند قول الإمام أحمد فى صفة الإتيان والمجىء ص : ٣٥٤ ، وانظر : رد الدارمى على بشر المريسى ص : ١٢٤.
(أ) سيأتى الكلام بالتفصيل حول رواية حنبل هذه عند «قول الإمام أحمد فى صفة الإتيان والمجىء ص : ٣٩٢.
(ب) انظر : رد الدارمى على بشر المريسى ص : ١٢٤.
(ح) أخرجه مسلم ١ / ٥٥٣ ـ ٥٥٤ من حديث أبى أمامة الباهلى والنواس بن سمعان رضى الله عنهما.
(د) مجموع الفتاوى : ٥ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩.