القرآن لا يخلو أن يكون فى السموات والأرض أو فيما بينهما فقلنا : (ق / ١٩ ب) إن الله يقول : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) (١) فالحق الّذي خلق به السموات والأرض هو قوله : كن. (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) (٢) قال : (فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) (٣) ، (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُ) (٤) فالحق الّذي خلق به السموات والأرض قد كان قبل خلق السموات والأرض والحق قوله وقوله ليس بمخلوق (٥).
باب ما ادعت الجهمية أن القرآن مخلوق
من هذه الأحاديث التى رويت
إن القرآن يجيء فى صورة الشاب الشاحب فيأتى صاحبه فيقول : تعرفنى فيقول : من أنت. فيقول : أنا القرآن الّذي أظمأت نهارك وأسهرت ليلك. قال : فيأتى به الله فيقول : يا رب (٦).
فادعوا أن القرآن مخلوق. فقلنا لهم : القرآن لا يجيء ، بمعنى (٧) : أنه قد جاء من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٨) (ق ٢٦ / ب) فله كذا (٩) ألا ترون أنه
__________________
(١) سورة الحجر / ٨٥.
(٢) سورة الأحزاب / ٤.
(٣) سورة ص / ٤٨.
(٤) سورة الأنعام / ٧٣.
(٥) راجع ما قيل فى تفسير الآية الأولى : تفسير الطبرى : ١٤ / ٥٠ ، وابن كثير : ٢ / ٦٠٢ ، والشوكانى : ٣ / ١٤٠.
(٦) أخرج أحمد : ٥ / ٣٥٢ ، وابن ماجة : ٢ / ١٢٤٢ وغيرهم من حديث عبد الله بن بريدة قال : قال رسول صلىاللهعليهوسلم : «يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب فيقول : أنا الّذي أسهرت ليلك وأظمأت نهارك» قال محقق سنن ابن ماجه فى الزوائد : إسناده صحيح ، رجاله ثقات.
(٧) فى المطبوع : إلا بمعنى.
(٨) سورة الإخلاص / ١.
(٩) انظر : ما جاء فى فضل سورة الإخلاص : فتح البارى : ٩ / ٥٨ ـ ٥٩ وصحيح مسلم : ١ / ٥٥٦ ـ ٥٥٧ وسنن الترمذي : ٥ / ١٦٧ ـ ١٧٠.