أما قولهم إليه يعود فقيل إن الله يسرى به حتى لا يبقى فى المصاحف منه حرف ولا فى القلوب منه آية (١). وذكر بعض المحققين أن قولهم هذا يحتمل معنيين :
أحدهما : ما سبق الإشارة إليه.
والآخر : «أنه تعود صفة الكلام بالقرآن إليه بمعنى أن أحدا لا يوصف بأنه تكلم به غير الله لأنه هو المتكلم به والكلام صفة للمتكلم» (٢).
أدلة الإمام أحمد على أن القرآن كلام الله غير مخلوق
قال أبو بكر الخلال :
١٧٠ ـ أخبرنا سليمان بن الأشعث أبو داود السجستانى قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقى (٣) قال : قلت لأحمد بن حنبل (٤) ... فقال : (٥) القرآن كلام الله غير مخلوق على كل جهة وعلى كل وجه تصرف وعلى أى حال كان لا يكون مخلوقا أبدا. قال الله تبارك وتعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ
__________________
(١) قال الشوكانى : أخرج سعيد بن منصور وابن أبى شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والطبرانى والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقى فى الشعب عن ابن مسعود قال : إن هذا القرآن سيرفع قيل كيف يرفع وقد أثبته الله فى قلوبنا وأثبتناه فى المصاحف؟ قال : يسرى عليه فى ليلة واحدة فلا يترك منه آية فى قلب ولا مصحف إلا رفعت فتصبحون وليس فيكم منه شيء ثم قرأ (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) وقد روى هذا عنه من طرق وأخرج ابن عدى عن أبى هريرة مرفوعا نحوه. وأخرج محمد بن نصر عن عبد الله بن عمرو نحوه موقوفا وأخرج الديلمى فى مسند الفردوس عن معاذ بن جبل مرفوعا نحوه أيضا وأخرج ابن أبى حاتم والحاكم وصححه عن أبى هريرة موقوفا نحوه أيضا وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمى عن حذيفة بن اليمان مرفوعا كنحوه أيضا وأخرج ابن مردويه عن جابر مرفوعا نحوه أيضا وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن عمر مرفوعا نحوه. فتح القدير : ٣ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩.
(٢) انظر : العقيدة الواسطية ص : ٩٨.
(٣) ثقة ، توفى سنة اثنتين وخمسين ومائتين ، وكان من الحفاظ. تقريب : ٢ / ٣٧٤.
(٤) هذه الرواية ذكرها الخلال من طرق متعددة عن الدورقى واكتفينا هنا بطريق أبى داود. انظر : السنة (ق : ١٨٨ / ب ـ ١٨٩ / أ).
(٥) أى الإمام أحمد وقد سأله الدورقى : ما تقول فيمن زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق.