وقال فى موضع آخر بعد أن ذكر بعض ما تقدم :
وفى قوله : (مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ) دلالة على أمور :
منها : بطلان قول من يقول إنه كلام مخلوق خلقه فى جسم من الأجسام المخلوقة كما هو قول الجهمية الذين يقولون بخلق القرآن من المعتزلة والنجارية (١) والضرارية (٢) وغيرهم فإن السلف كانوا يسمون كل من نفى الصفات وقال إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى فى الآخرة جهميا ...
ومنها : أن قوله : (مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ) فيه بطلان قول من يجعله فاض على نفس النبي صلىاللهعليهوسلم من العقل الفعال أو غيره ، كما يقول ذلك طوائف من الفلاسفة والصابئة ، وهذا القول أعظم كفرا وضلالا من الّذي قبله (٣). ا ه.
وقال شارح الطحاوية بعد أن أورد بعض الآيات الدالة على أن القرآن الكريم منزل من الله عزوجل : «وقد أورد على ذلك إن إنزال القرآن نظير إنزال المطر ، أو إنزال الحديد ، وإنزال ثمانية أزواج من الأنعام.
والجواب : أن إنزال القرآن فيه مذكور أنه إنزال من الله ... وإنزال المطر مقيد بأنه منزل من السماء قال تعالى : (أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) والسماء العلو. وقد جاء فى مكان آخر أنه منزل من المعصرات وإنزال الحديد والأنعام فكيف يشبه هذا الإنزال بهذا الإنزال (٤) ... كما أن النزول المقيد بأنه من الله لم يرد إلا فى نزول القرآن وليس من الله شيء مخلوق (٥). اه.
__________________
(١) أصحاب الحسين بن محمد النجار. انظر : الملل والنحل للشهرستانى بهامش الفصل : ١ / ١١٢ ـ ١١٤.
(٢) أصحاب ضرار بن عمرو وحفص الفرد. انظر : الملل والنحل للشهرستانى بهامش الفصل : ١ / ١١٤ ـ ١١٦.
(٣) انظر : مجموع الفتاوى : ١٢ / ١١٨ ـ ١٢٠.
(٤) انظر : شرح العقيدة الطحاوية ص : ١٩٥ ـ ١٩٦ ، وانظر أيضا : مجموع الفتاوى لابن تيمية : ١٢ / ١١٨ ، ٥٢٠.
(٥) انظر : الشريعة للآجرى ص : ٧٩.