من ذلك شيئا فعوقب فى الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه» فبايعناه على ذلك.
أما الخوارج والمعتزلة فقالوا : إن الله سبحانه وتعالى وصف المؤمن بالطاعة والاستقامة فمن لم تتحقق فيه هذه الصفة فهو خارج عن الإيمان بالكلية ، ولا يخفى فساد هذا المذهب أيضا وبعده عن الحق كسابقه فكلاهما فيه تجرء على الله عزوجل ، والخوارج والمعتزلة بقولهم هذا أقفلوا باب الرجاء وسعة رحمة الله فى وجه العصاة والمذنبين مما ينتج عنه اليأس والقنوط من رحمة الله وعفوه ومغفرته.
والله سبحانه وتعالى فى آيات كثيرة خاطب الفساق والمذنبين باسم الإسلام أو الإيمان فقال جل وعلا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) (١) الآية. وقد نزلت هذه الآية فى شأن حاطب بن بلتعة لما حاول إخبار قريش بخروج النبي صلىاللهعليهوسلم إليهم (٢). وقال جل ذكره (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) (٣) الآية. فسماهم مؤمنين مع اقتتالهم.
مما تقدم يتضح ما سبق ذكره من أن أهل السنة أخذوا بجميع جوانب الموضوع ونظروا إلى النصوص مجتمعة ، وبنوا عليها حكمهم وهو الحق والصواب. والله تعالى أعلم.
مسألة فى أحاديث الوعيد :
تقدم فى رواية إسماعيل بن سعيد أنه سأل أحمد عن قول النبي صلىاللهعليهوسلم «من غشنا فليس منا» فقال أحمد على التأكيد والتشديد. وسئل فى رواية حرب الكرمانى عن معنى الحديث فلم يجب فيه فقيل له إن قوما قالوا : من غشنا فليس مثلنا. فأنكره. وذكر عن عبد الرحمن بن مهدى
__________________
(١) سورة الممتحنة / ١.
(٢) انظر : تفسير ابن كثير : ٤ / ٣٦٧.
(٣) سورة الحجرات / ٩.