بكبيرته ونحو هذا من العبارات المتحدة المدلول. أما من حيث الحكم فى الآخرة فهم لم يتجرءوا على الله عزوجل كما يفعل غيرهم ، وإنما فوضوا أمره إلى الله عزوجل إن شاء غفر له ابتداء وإن شاء عذبه وإن عذب فلا بد له من الخروج من النار ودخول الجنة (١). وكما مر بنا فى رواية محمد بن حبيب الأندرانى عن الإمام أحمد والتى فيها : ... ولم ينزل أحدا من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم الجنة بالإحسان ولا النار بالذنب اكتسبه حتى يكون الله تعالى هو الّذي ينزل خلقه حيث يشاء. بقى أن نعرف أن موقف أهل السنة هذا مبنى على الأسس المتينة والأدلة الشاملة لجميع زوايا الموضوع (٢) فهم لم يأخذوا جوانب ويغفلوا أخرى كما فعل طرفا النقيض : المرجئة ، والخوارج والمعتزلة.
فالمرجئة نظروا إلى النصوص التى تخاطب الفساق باسم الإيمان أو الإسلام فأعطوهم صفة الإيمان المطلق. وقالوا إن المعاصى مهما كانت لا تؤثر فى إيمانه ولا تنقصه وهو من أهل الجنة. ولا يخفى الخطر العظيم والفساد الكبير الّذي ينشأ عن هذا الاعتقاد الظاهر البطلان والّذي يفتح الباب على مصرعيه لانتهاك حرمات الله عزوجل والانغماس فى الرذائل واقتراف المعاصى والموبقات.
وآيات الوعيد التى جاءت فى العصاة كثيرة جدا ومعروفة لا يجهلها أحد من تلك الآيات قول الله جل وعلا (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (٣).
وروى البخارى (٤). من حديث عبادة بن الصامت : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال وحوله عصابة من أصحابه «بايعونى على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا فى معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب
__________________
(١) انظر : عقيدة السلف لأبى عثمان الصابونى ١ / ١٢٤ ، والفتاوى لابن تيمية : ٧ / ٤٨١ ـ ٤٨٢ ، ٦٧٠.
(٢) فتح البارى : ١ / ٦٤ ، ٧٢ ، ٨٤ ـ ٨٥ ، ومسلم بشرح النووى : ٢ / ٤١.
(٣) سورة النساء / ١٠.
(٤) فى الصحيح : ١ / ٦٤.