أقوى من إيمان غيره ، بحيث لا تعتريه الشبهة ، قال : ويؤيده أن كل أحد يعلم أن ما فى قلبه يتفاضل حتى أنه يكون فى بعض الأحيان أعظم يقينا وإخلاصا وتوكلا منه فى بعضها وكذلك فى التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها (١)». اه.
قلت : وهذا التفاوت فى التصديق ينتج عن أمور منها ما ذكره ابن مندة والنووى وكذلك الانقياد لأوامر الله عزوجل والانتهاء عن نواهيه فمن شأن هذا زيادة الإيمان والتصديق فى القلوب. كما أن اقتراف المعاصى والإعراض عن الله عزوجل يورث فى القلوب نقص الإيمان ، وقد جاء فى رواية محمد بن موسى عن الإمام أحمد ما يفيد ذلك حيث يقول : «الإيمان يزيد وينقص إذا عملت الخير زاد وإذا ضيعت نقص (٢)». اه.
وبعد هذا العرض الموجز يتضح موافقة الإمام أحمد لبقية السلف فى أن الزيادة والنقص تشمل العمل والتصديق ـ وأن الرواية التى جاءت عنه فى أن المعرفة لا تزيد ولا تنقص إنما هو عائد لما ذكر.
هذا وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فى معنى الزيادة والنقص ثمانية أوجه أذكر بعضها :
فمنها : أن العلم والتصديق نفسه يكون بعضه أقوى من بعض وأثبت وأبعد عن الشك ، وهذا أمر يشهده كل أحد من نفسه كما أن الحس الظاهر بالشيء الواحد مثل رؤية الناس للهلال ، وإن اشتركوا فى رؤيته فبعضهم تكون رؤيته أتم من بعض وكذلك سماع الصوت الواحد وشم الرائحة الواحدة فكذلك معرفة القلب وتصديقه ، يتفاضل أعظم من ذلك من وجوه متعددة والمعانى التى يؤمن بها من معانى أسماء الرب وكلامه يتفاضل الناس فى معرفتها ، أعظم من تفاضلهم فى معرفة غيرها.
__________________
(١) فتح البارى : ١ / ٤٦
(٢) انظر السنة للخلال (ق : ٩٧ / أ)