فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ (٨٦) وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧) وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨)) [٨٥ الى ٨٨]
(١) فرض عليك القرآن : أنزله عليك وأوجب عليك إبلاغه والسير وفقه.
(٢) لا يصدّنك : لا تدعهم يصرفونك.
الخطاب في الآيات موجه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم. فالذي أنزل عليه القرآن وأوجب عليه إبلاغه والسير وفقه رادّه ومعيده ، وعليه أن يعلن للناس أن ربّه هو الأعلم والحكم بينه وبين الكفار في من هو على الحق والهدى ومن هو على الضلال الشديد ، وأنه ما كان ليأمل أن ينزل عليه الكتاب ، وأن الله تعالى لم يختره وينزله عليه إلّا رحمة منه وفضلا ، وأن عليه ألّا يكون نصيرا للكافرين على نفسه ، وألّا يدعهم يصرفونه عن أوامر ربّه وآياته بعد أن أنزلت عليه متأثرا بمواقف اللجاج التي يقفونها إزاءه ، وأن يدعو إلى ربه وحده ولا يسلك سبيل المشركين وألا يدعو مع الله إلها آخر ، فليس من إله غيره قط ، وكل شيء هالك إلّا وجهه ، وله الحكم والقضاء على خلقه ، وهو مرجعهم أولا وآخرا.
تعليقات على الآيات الأخيرة الأربع من سورة القصص
ولقد تعددت التأويلات التي يرويها المفسرون عن ابن عباس وغيره لجملة (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) منها أنها بمعنى رادك إلى الجنة. ومنها أنها بمعنى رادك إلى الموت. ومنها أنها بمعنى رادك إلى يوم القيامة. ومنها أنها بمعنى رادك إلى مكة ، وقد رويت رواية تفيد أن الآية التي فيها الجملة نزلت على النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في طريق هجرته من مكة إلى المدينة في منزل يقال له الجحفة حيث حزّ في نفسه أن يخرج من وطنه على الوجه الذي خرج به فأنزل الله عليه الآية لتطمينه وتسليته وتوكيد كون الله عزوجل راده إلى مكة ثانية. وهذه الرواية قد تقوي إن صحت التأويل الأخير.