وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)) (١).
تعليق على كلمة (نبى) ومدى الفرق
بينها وبين كلمة (رسول)
وكلمة (نبى) تأتي هنا لأول مرة. وهي مشتقّة من نبأ بمعنى صات أو ظهر أو أخبر. وكلمة (النبي) بمعنى المنبّأ أي الذي يأتيه النبأ أو الخبر من الله تعالى. ولقد وردت بعض الأسماء في القرآن بالوصفين معا مثل النبي محمد صلىاللهعليهوسلم في آية في هذه السورة ستأتي بعد قليل ومثل موسى وإسماعيل في آيتي سورة مريم [٥١ و ٥٤] ووردت بعض الأسماء بوصف النبي فقط مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب وهرون وإدريس في آيات سورة مريم [٤١ و ٤٩ و ٥٣ و ٥٧]. مع أن منهم من كان رسولا يقينا مثل إبراهيم وهرون ومع أن المفسرين والعلماء فرّقوا بين كلمتي النبي والرسول وقالوا إن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا (٢). فإن آية سورة الحج هذه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)) قد جمعت بين الكلمتين من جهة واستعملت كلمة الإرسال للنبي والرسول معا من جهة ثانية. وقد خاطب القرآن النبي صلىاللهعليهوسلم أحيانا بصفة النبي كما جاء في آية سورة التحريم هذه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١)) وأحيانا بصفة الرسول كما جاء في آية سورة المائدة هذه : (يا أَيُّهَا
__________________
(١) اقرأ أيضا آيات البقرة [٢١٧] والنساء [١٧] وآل عمران [٩١] ومحمد [٣٤] والتوبة [٨٥ و ١٥٦].
(٢) انظر تفسير آيات الأعراف [١٥٦ ـ ١٥٧] في تفسير المنار مثلا.