أمر بالتعريف ، فإن وجد من يعرّفها ، وإلّا يتمتّع [بها].
ومعلوم أنّ الأمر بالتعريف إنّما يكون في موضع يتوقّع ظهور من هو صاحب اليد والمالك بظاهر الشرع ، ولا يكون ذلك إلّا في البائع المذكور ، ومن هو في معناه.
وبالجملة ، الجمع بين المتعارضين المذكورين بالنحو المذكور هو الظاهر منهما ، ومن المؤيّدات الخارجة ، والقواعد الظاهرة ، فيتعيّن العمل والفتوى عليه.
وممّا ذكر ظهر ما في كلام صاحب «الذخيرة» من قوله : اعلم! أنّ الحكم بوجوب تعريف البائع مشهور بين الأصحاب ، والحجّة عليه غير واضحة ، إذ احتمل عدم جريان يده عليه ، وأصالة البراءة من التكليف تقتضي عدمه ، إلّا أن يقوم عليه دليل واضح (١) ، انتهى.
أقول : كون الشيء ملكا لشخص ، إذا علم وعرف علم كونه تحت يده الشرعيّة ، وكون كلّ ما هو فيه ملكه ظاهرا شرعا ، كما لو ظهر كونه منه ، كما لا يخفى على المطّلع بالأحكام ، وأنّه ليس مثل الموجود في غير ملكه بالبديهة ، فلا أقلّ من لزوم التعريف بالنسبة إليه ، سيّما بعد ملاحظة ما ذكرنا من رواية محمّد بن قيس المقبولة عندهم المعتضدة بالفتاوى من الأصحاب وبالصحيحين ، وغيرهما ممّا أشرنا ، ويؤيّده أيضا حكم من وجد في جوف دابّة شيئا ، فإنّ الأصحاب قالوا : وكذا ـ أي : مثل المكنوز في مثل مبيع ـ لو اشترى دابّة فوجد في جوفها شيئا ، فإنّه يجب تعريف البائع ، فإن عرّفه فهو له ، وإلّا فهو للمشتري وعليه الخمس (٢).
وأمّا وجوب التعريف فلما مرّ ، مضافا إلى صحيحة عبد الله بن جعفر قال : كتبت إلى الرجل عليهالسلام أسأله عن رجل اشترى جزورا للأضاحي ، فوجد في جوفها
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٤٧٩.
(٢) شرائع الإسلام : ١ / ١٧٩ ، إرشاد الأذهان : ١ / ٢٩٢.