مع أنّ المفتي بمضمون الخبر قليل ، فيتعيّن التوجيه في الخبر إن لم يطرح ، بل يتعيّن حمله على الاستحباب ، للمسامحة في أدلّة السنن.
مع أنّ الخبر لو كان صحيحا مقابلا لذلك الصحيح ، كان المتعيّن حمله على الاستحباب ، لأصالة براءة الذمّة ، وأصالة عدم الوجوب ، لكونه زيادة في التكليف.
مع أنّ طريقة المصنّف في الجمع بين الصحيحين الحمل على الاستحباب ، كغيره من الفقهاء المتأخّرين ، لو لم نقل بأنّها كذلك عند القدماء أيضا.
فلو كان صحيحا كان المتعيّن حمله على الاستحباب ، فما ظنّك إذا لم يكن صحيحا مقابلا؟
مع أنّ دأب المصنّف وبعض من المتأخّرين تقديم الحمل على الاستحباب مطلقا ، وإن كان الحمل على غير الاستحباب له مرجّحات ، كما عرفت وستعرف ، وحمل هذا الخبر على الاستحباب جدّي رحمهالله ، وصاحب «الذخيرة» وغيرهما (١).
ثمّ اعلم! أنّه قال في «الذخيرة» : الظاهر من الأدلّة أنّه لا يعتبر في النصاب الإخراج دفعة ، بل لو أخرج دفعات ضمّ بعضها إلى بعض ، واعتبر النصاب من المجموع ، وإن تخلّل الإعراض بينهما.
ونقل عن «المنتهى» أنّه قال : يعتبر النصاب فيما أخرج دفعة أو دفعات لا يترك العمل بينها ترك إهمال ، فلو أخرج دون النصاب ، وترك العمل مهملا ، ثمّ اخرج دون النصاب وكملا نصابا ، لم يجب عليه شيء ، ولو بلغ أحدهما نصابا اخرج خمسه ، ولا شيء [عليه] في الآخر.
أمّا لو ترك العمل لا مهملا ، بل لاستراحة أو إصلاح آلة أو طلب أكل وما
__________________
(١) روضة المتّقين : ٣ / ١٠٩ ، ذخيرة المعاد : ٤٧٨ ، مدارك الأحكام : ٥ / ٣٦٦.