فقبّلته ووضعته على عيني ، وانصرفت عنه متوجّهاً إلى الصاحب ـ صلوات الله عليه ـ فانتبهتُ ولم يكن معي ذلك الكتاب ، فشرعت في التضرّع والبكاء والجوار لفوات ذلك الكتاب إلى أن طلع الصبح.
فلمّا فرغت من الصلاة والتعقيب ، وكان في بالي أنّ مولانا محمّداً هو الشيخ البهائي ، وتسميته بالتاج ، لاشتهاره من بين العلماء ، فلمّا جئت إلى مدرسه ـ وكان في جوار المسجد الجامع ـ فرأيته مُشتغلاً بمُقابلة الصحيفة ، وكان القارئ السيّد الصالح أمير ذوالفقار الجرپادقاني ، فجلست ساعة حتّى فرغ منه ، والظاهر أنّه كان في سند الصحيفة ، لكن للغمّ الذي كان لي لم أعرف كلامه وكلامهم ، وكنت أبكي ، فذهبت إلى الشيخ ، وقلت له رؤياي وأنا أبكي لفوات الكتاب.
فقال الشيخ : أبشر بالعلوم الإلهيّة ، والمعارف اليقينيّة ، وجميع ما كُنتَ تطلب دائماً ... فلم يسكن قلبي ، وخرجت باكياً متفكّراً إلى أن أُلقي في روعي أن أذهب إلى الجانب الذي ذهبت إليه في النوم ، فلمّا وصلتُ إلى دار البطيخ رأيت رجلاً صالحاً كان اسمه آقا حسن ، ويلقّب بـ : تاجا(١) ، فلمّا وصلت إليه وسلّمت عليه قال : يا فلان ، الكتب الوقفيّة التي عندي كلّ من يأخذها من الطلبة لا يعمل بشروط الوقف ، وأنت تعمل بها ، تعال وانظُر إلى هذه الكتب ، وكلُّ ما تحتاج إليه خذه.
فذهبت معه إلى بيت كتبه ، فأعطاني ـ أوّل ما أعطى ـ الكتاب الذي رأيته في النوم ، فشرعت في البكاء والنحيب وقلت : يكفيني ، وليس في بالي أنّي ذكرت له النوم أم لا.
__________________
(١) في إجازة المجلسي الأوّل : (المرحوم المبرور آقا غدير) لاحظ بحار الأنوار ١١٠ / ٦٠.