موضعه ، ومتّى أنفقه ، وحيث أنفقه ؛ ولسـنا نعلم لرسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موطناً غير مكّـة والمدينـة!
فإن زعموا أنّـه أنفقه بمكّـة ..
قلنا لهم : هذا بيّن المحـال!
فيقولون : إنّـه جهّز به الجيـوش ..
فظهـر كذبهـم ؛ لأنّ الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) بإجمـاع الأُمّـة لـم يشـهر هـو ولا أحد من الصحابة سـيفاً بمكّة ، ولم يأمر أحداً منهم بجهاد ، بل كان يأمرهم بالتقية ، وإنّما جميع من أسلم معه أربعون رجلا(١) ، فلمّـا كـثر عليهم الأذى من قريـش ولّى عليهم جعفـر بن أبي طالب وأخرجهم معه إلى الحبشـة ، وكانوا بها إلى أن هاجـر رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقـدموا عليه بعـد سـنتين من الهجـرة(٢) ..
ولقد كان رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بشـهادة العامّ والخاصّ ـ أغنى الناس بعد تزويجه بخديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وكانت من أيسـر نسـاء قريش وأكثرهم مالا ، وكانت باقية حيّـة إلى سـنة الهجرة ثمّ توفّيت(٣) ، وكان لا يحتاج مع مالها إلى أحد.
وأجمعوا أهل الإيمـان ، أنّ عليّـاً عليهالسلام قال : «لقد صلّيت خلف
__________________
(١) انظر : الاسـتغاثة ٢ / ٣٠.
(٢) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ١ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ، المنتظم ٢ / ١٣١ ، الاسـتغاثة ٢ / ٣٠.
(٣) انظر : الاسـتغاثة ٢ / ٣٠ ، والمشـهور أنّ وفاتها عليهاالسلام في أواخر السـنة العاشـرة من البعثـة ، وقيل غير ذلك.