وذلك أنّـه من أنفق مثل هذا المال على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لا بُـدّ أن يعرف
__________________
بدر الكبرى ، حتّى إنّ المرأة لتبعث بالشيء التافه ، فكان يقال : إنّ فيها لخمسـين ألف دينار ، وقالوا أقلّ ، وإن كان ليقال : إنّ أكثر ما فيها من المال لآل سـعيد بن العاص ـ أبي أُحيحة ـ ، إمّا مالٌ لهم ، أو مال مع قوم قراض على النصف ، فكانت عامّة العير لهم ..
ويقال : كان لبني مخزوم فيها مئتا بعير ، وخمسـة أو أربعة آلاف مثقال ذهب ، وكان يقال : للحارث بن عامر بن نوفل فيها ألف مثقال ، وكان لأُميّة بن خلف ألفا مثقال ، ولبني عبـد مناف فيها عشـرة آلاف مثقال ؛ كما في مغازي الواقدي ١ / ٢٧ ، وشـرح الزرقاني على المواهب ٢ / ٢٦٣.
ولا ندري من أين جمع أبو بكر هذه الثروة؟!
هل ورثها من أبي قحافة الذي كان يمتهن صيد القماري والدباسي؟! كما في الصوارم المهرقة : ٣٢٤.
أم من المناداة على مائدة عبـد الله بن جدعان بقوت بطنه؟! والذي يقول فيه أُميّة بن أبي الصلت :
لـه داع بمكّـة مشـمعل |
|
وأُخرى فوق دارته ينادي |
انظر : المنمّق : ٣٧٢ ، الأغاني ٨ / ٣٤٢.
أم من عمله هو في الجاهلية معلّماً ، وفي الإسـلام خيّاطاً؟! كما في الصوارم المهرقة : ٣٢٤ نقلا عن البخاري.
أم من عمله في حلب الأغنام؟! كما في الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٣ / ١٧٠ ، تاريخ دمشـق ٣٠ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ، صفة الصفوة ١ / ١٠٩.
أم من عمله بـزّازاً؟! كما في المعـارف ـ لابن قتيبة ـ : ٣١٩ ، الأعلاق النفيسـة ـ لابن رسـتة ـ : ٢١٥ ، ولم يكن في عمله هذا صاحب حانوت أو متجر ، بل كان يحمل الأثواب على رقبته ويدور في الأسـواق والأزقّـة ليبيعها ، كما في الطبقات الكبرى ـ لابن سـعد ـ ٣ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ، تاريخ دمشـق ٣٠ / ٣٢١ ، صفة الصفوة ١ / ١٠٨ ـ ١٠٩.
ولسـنا هنا في معرض الحطّ من قيمة هذه المهن وانتقاص أصحابها ، فعمل المؤمن في حدّ ذاته عبادة ، ولكنّنا نقول : إنّ هذه المهن والأعمال لا يمكن أن يتأتّى منها تلكم الأموال الطائلة!
راجع كتابنا : شـبهات السـلفية : ٢٣٩ ـ ٢٤١.