* ومن روايات مخالفينـا الباطلـة ، أنّهم يقولون : كان أبو بكر وعمر وزيرين لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(١) ؛ وهو باطل ؛ لأنّا لا نعرف أنّ الوزارة في اللغـة إلاّ المعاونة والمسـاعدة خاصّـة(٢) ، فمعـونـة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لا تـكون إلاّ من وجهين :
أحدهمـا : المعونـة على تأديـة الرسـالة ، أي تبليـغ النـاس عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دينَه الذي جاء به من عنده(٣) ، كما حكى الله عزّ وجلّ عن هارون ، فقال تعالى : (وَاجْـعَل لِي وَزِيـراً مِـنْ أَهْـلِي * هَـارُونَ أَخِي)(٤) ، وقال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَـى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً)(٥) ، وكان هارون مبلِّغاً مع موسـى رسـالاتِ ربّـه.
الثـاني : المعاونـة عـلى مجاهـدة الكـفّار ومحـاربتـهم ، ولا نعـرف في وزارة الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهاً آخر ثالثاً ؛ وذلك أنّ الوزارة لسـائر الناس غيـر الأنبـياء بالـرأي والمشـورة والتدبـيـر ، وهـذه أحـوال لا تصلـح لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ لأنّه مؤيّد من عند الله تعالى بألطاف وعصمة ووحي.
* ورووا ـ أيضاً ـ مخالفونا ، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ما نفعني
__________________
٢٧٢٨ وصحّحه وأقـرّه الذهبي ، المقصد العلي في زوائد أبي يعلى ٢ / ٣٣٤ ح ٧٥٧ ، موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبّان : ٣٠٧ ح ١٢٥٩.
(١) انظر : التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٢ / ١٥٩ رقم ٢٠٥٠ عن تليد ، ثمّ قال : «تكلّم يحيى بن معين في تليد ورماه» ، تاريخ بغداد ٣ / ٢٩٨ وقال : «تفـرّد بروايتـه محمّـد بن مجيب» ثمّ ذكر قول يحيى بن معين فيه : «كان كـذّاباً عدوّ الله» ، تاريخ دمشـق ٤٤ / ٦٣ ـ ٦٥ ، البداية والنهاية ٧ / ١٠٨.
(٢) انظر مادّة «وزر» في : لسـان العرب ١٥ / ٢٨٥ ، تاج العروس ٧ / ٥٨٩.
(٣) أي من عنـد الله تعـالى.
(٤) سـورة طـه ٢٠ : ٢٩ و ٣٠.
(٥) سـورة الفرقان ٢٥ : ٣٥.