__________________
دلائل الحقّ فيذهب شـكّه» ، ثمّ ذكر أنّ هذا الشـكّ ممّا لا يصرّ عليه صاحبه ، وإنّما هو من باب الوسـوسـة التي قال فيها (صلى الله عليه وآله وسلم) مخبراً عن إبليس : «الحمد لله الذي ردّ كيده إلى الوسـوسـة».
ونقله عنه ابن حجر في فتح الباري ٥ / ٤٣٥ ، وقال القسـطلاني في إرشـاد السـاري ٦ / ٢٣٢ : «ولم يكن هذا شـكّاً منه في الدين ، بل ليقف على الحكمة في القضية وتنكشـف عنه الشـبهة».
أقـول : لا يخفى ما في هذا الكلام من لزوم كون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقواله وأفعاله محلّ شـبهة وموضع اتّهام عند عمر بالرغم من صحبته له طيلة اثني عشـر عاماً في أقلّ الاحتمالات ، مع ما رافق ذلك من علامات النبوّة وآيات الرسـالة ، وإلاّ فما هو الداعي لهذا الصوم والتصدّق والصلاة والعتق المرجوّ منه دفع أثر هذا الشـكّ لو كان الأمر من باب الوسـوسـة التي لا يؤاخذ العبدُ بها ، وعلى هذا إجماع الأُمّة ، وقد روي عن ابن عبّـاس أنّه قال : «هو شيء لا يسـلم منه أحد» ، والأحاديث والآثار بهذا المعنى متضافرة.
ولو كان الأمر كذلك لَما كان ما فعله أكبر همّ له كلّما تذكّره ، كما في حديث أبي سـعيد الخدري.
وأيضاً : لو كان الأمر كذلك لَما قال : «يا أيّها الناس! اتّهموا الرأي على الدين ، فلقد رأيتني أردُّ أمر رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) برأيي اجتهاداً ، فوالله ما آلو عن الحقّ ، وذلك يوم أبي جندل ، والكتاب بين رسـول الله وأهل مكّة ، فقال : (اكتبوا : بسـم الله الرحمن الرحيـم) ؛ فقالوا : أترانا قد صدّقناك بما تقول؟! ولكنّك تكتب : باسمك اللّهمّ ؛ فرضي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبيتُ ، حتّى قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : تراني أرضى وتأبى أنت؟!».
رواه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ٧٢ ح ٨٢ ، والبزّار في مسـنده ١ / ٢٥٤ ح ١٤٨ ، والدولابي في الكنى والأسماء ٢ / ٦٩ ـ ٧٠ ، واللالكائي في شـرح أُصول اعتقاد أهل السُـنّة ١ / ١٤٢ ح ٢٠٨ ، وأبو يعلى في مسـنده كما في مجمع الزوائد ١ / ١٧٩ ، والبيهقي في المدخل كما في فتح الباري ١٣ / ٣٥٨.
وروى نحوه البخاري في صحيحه ٤ / ٢١٨ ح ٢٢ و ٢٣ ومواضع أُخر ، ومسـلم في صحيحه ٥ / ١٧٥ ـ ١٧٦ عن سـهل بن حنيف من طريقين وزادا في أحدهما :