أقـول : أجمع المفسّرون(١) ، وجميع أهل الآثار(٢) ، أنّ هذه الآية نزلت في أهل الحديبية حين وقعت الهدنة بين رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين قريش ، قال جابر بن عبـد الله : كانوا يومئذ ألف وأربعمئة(٣) ، وكان ذلك
__________________
وفي لفظ : «إنّ لي في رسـول الله أُسـوة حسـنة» ، فلمّا بلغ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)امتناعه رضي عنه وأثـنى عليه ـ ، بل هو من أصحاب بدر الّـذين قال الله في حقّهم ـ على ما رواه أهل السُـنّة ـ : «اعملوا ما شـئتم فقد غفرت لكم» ، ولا خلاف بين الجمهور على ضلاله ونفاقه ، فكيف يدخل تحت عموم هذه الآية؟!
وأيضاً : فإنّ الجدّ بن قيس قد تخلّف عن هذه البيعة وهو في عداد الصحابة.
وعليه : فالتعميم فيه تعسّـف ظاهر.
انظر : المغازي ـ للواقدي ـ ٢ / ٦٠٥ ، السـيرة الحلبية ٢ / ٧٠٣ ، السـيرة النبوية ـ لدحلان ـ ٢ / ١٨٦.
وراجع كـتابنا شـبهات السـلفية : ١٢٧.
(١) انظر : تفسـير مجاهد : ٦٠٧ ، تفسير ابن عيينة : ٣٢١ ، تفسير عبـد الرزّاق ٢ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، تفسير النسائي ٢ / ٣٠٩ ، تفسير الطبري ١١ / ٣٤٧ ـ ٣٤٩ ، تفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٣٠٠ ، تفسير الثعلبي ٩ / ٤٧ ، تفسير الماوردي ٥ / ٣١٥ ، الوسـيط في تفسير القرآن ـ للواحدي ـ ٤ / ١٣٩ ، تفسير البغوي ٤ / ١٧٥ ، مجمع البيان ٩ / ١٧٤ ، تفسير ابن كثير ٤ / ١٩٣ ، الدرّ المنثور ٧ / ٥٢٤.
(٢) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ باب ـ غزوة الحديبية وقول الله تعالى : (رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) ، صحيح مسلم ٦ / ٢٥ باب اسـتحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال وبيان بيعة الرضوان تحت الشـجرة ، سـنن الترمذي ٥ / ٣٥٩ ح ٣٢٦٣ ، السـنن الكبـرى ـ للنسـائي ـ ٦ / ٤٦٤ ح ١١٥٠٧ و ١١٥٠٩ ، مسند أحمد ٣ / ١٢٢ و ١٣٤ و ٢١٥ و ٢٥٢ ، مسند أبي يعلى ٥ / ٣٠٨ ح ٢٩٣٢ وص ٤٧٢ ح ٣٢٠٢ و ٣٢٠٤ ومواضع أُخر ، المسـتدرك على الصحيحين ٢ / ٤٩٨ ح ٣٧١٠ و ٣٧١١ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٤ / ١٤٢ و ١٥٩ ، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٥ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٢١ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.
(٣) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٢٦١ ح ١٨٤ وفي الباب عن البراء بن عازب وص ٢٦٠ ح ١٨١ وج ٦ / ٢٤٢ ح ٣٣٥ ، صحيح مسـلم ٦ / ٢٥ ، السـنن الكبرى ـ للنسـائي ـ