فنسـبوا نبيّهم إلى الجهل(١)!!
وإذا أمرهـم بالوصيّـة في أموالهـم وأولادهـم وأُمـور دنيـاهم ، كيف لا يأمر نبيّه في أمر الدين والمعاد ، وهو الوصيّـة بالخلافة إلى أفضل أُمّته يقوم فيهم مقامه ؛ ليكون حافظاً لشـريعته ، مفسّـراً للكـتاب ، عنده عِلم ما تحتـاج إليه الأُمّـة؟!
ولو صحّ ما ادّعوه ، أنّ الله تعالى رضي باختيار الأُمّـة لأنفسـها في اسـتخلاف مَن شـاؤوا ، لم يحتج إلى بعثـة نبيّ يهديها إلى مصالحها ، ولكـان بعثـته إليها ضلال وعبث ، وكان من اختيار الكفرة عبادةَ الأصنام حـقٌّ ، وذلك لا يجوز في حكمته تعالى .. بل نقول :
إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى إلى أمير المؤمنين عليهالسلام بإمرة المؤمنين مِن بعده بنصوص مشهورة نقلها الجمهور في كتبهم ؛ كحديث غدير خُـمّ(٢)
__________________
(١) وهذا ما أكّده ابن عبّـاس رضیاللهعنه بقوله : «من زعم أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مات بغير وصيّـة فقد كـذّبَ اللهَ وجهّلَ نبيَّـه» ؛ كما في تفسـير فـرات الكوفي ١ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ح ٤٢٤.
(٢) لا يخفى على المتتـبّع أنّ حديث الغدير لا يقتصر على قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه» ، بل يضمّ معه حديث الـثِّـقْـلَين ؛ فإنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قالهما في مقام واحد ، وإنْ كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال كلاًّ منهما بمفرده في مناسـبات متعدّدة.
وقد خرّج جمع من أصحاب الصحاح والسـنن والمسانيد والمعاجم والمسـتخرجات ؛ النصَّ على أنّ حديث الـثِّـقْـلَين قد قاله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بماء يُـدعى خُمّـاً بين مكّـة والمدينـة ؛ فمنهم مثلا : مسلم في صحيحه ٧ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، والنسـائي في السـنن الكبرى ٥ / ٥١ ح ٨١٧٥ ، والطبراني في المعجم الكبير ٥ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ح ٥٠٢٦ ـ ٥٠٢٨ ، والبزّار في مسـنده ١٠ / ٢٣١ ح ٤٣٢٤ وص ٢٤٠ ح ٤٣٣٦ ، وابن خزيمة في صحيحه ٤ / ٦٢ ـ ٦٣ ح ٢٣٥٧ ، وابن أبي عاصم في السُـنّـة : ٦٢٩ ح ١٥٥٠ ـ ١٥٥٢ ، وعبـد بن حميد في المنتخب من مسـنده :