فقال الشـيخ :
وكيف](١) لا يجوز الارتداد عليهم مع قول الله تعالى : (وَمَا مُحمَّـدٌ إِلاَّ رَسُـولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُـلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْـقَلَبْتُمْ عَـلَى أَعْقَابِكُمْ)(٢) الآيـة؟!(٣) ..
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتـناه من نسـخة البحراني.
(٢) سـورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٣) والوجه في ذلك ـ كما هو المسـتفاد من كلام الشـيخ المظفّر في دلائل الصدق ٢ / ٢٥ وج ٣ / ٢٠١ وج ٤ / ٢١١ ـ ، أنّ الاسـتفهام في الآية ليـس على حقيقته ، وإلاّ لاسـتلزم نسـبة الجهل إليه ، تعالى عن ذلك علـوّاً كبيراً.
وعليـه : لا بُـدّ أن يكون المراد به الإنكار أو التوبيخ ، وكلٌّ منهما لا يكون إلاّ على أمر محقّق ضرورة ، فيكون انقلابهم بعد موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) محقّـقاً ؛ ولذا قال تعالى : (انْـقَلَبْتُمْ) بصيغة الماضي ، تنبيهاً على تحقّـقه.
ولا يخفى أنّ الصحابة بعد موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعدلوا عن الشـهادتين ، فيتعيّن أن يراد به أمر آخر ، وهو إنكار إمامة عليّ عليهالسلام ودفعه عن حقّه ؛ إذ لم يصدر منهم ما يكون وجهاً لانقلابهم عموماً غيره بالإجماع.
ولا ينافيه أنّ الآية نزلت يوم أُحد ـ عند فرار الصحابة وتركهم رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في ساحة المعركة ؛ إذ لم يبق معه إلاّ عليٌّ عليهالسلام ، وأبو دجانة ، وسهل بن حنيف ، على التحقيق ـ ، فإنّ سـببيّـة نزولها في ذلك لا تمنع صراحتها في وقوع الانقلاب بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يقتضيه الترديد في الآية بين الموت والقتل ، فإنّ ما وقع يوم أُحد إنّما هو لزعم القتل.
وهذا ما أكّـده عليٌّ أمير المؤمنين عليهالسلام في ما رواه النسائي في سـننه الكبرى ٥ / ١٢٥ ح ٨٤٥٠ ، وأحمد في الفضائل ٢ / ٨١٠ ح ١١١٠ ، والطبراني في المعجم الكبير ١ / ١٠٧ ح ١٧٦ ، وابن المنذر في تفسـيره ١ / ٤١٥ ح ٩٩٨ ، وابن أبي حاتم في تفسـيره ٣ / ٧٧٧ ح ٤٢٦١ ، والحاكم في المسـتدرك ٣ / ١٣٦ ح ٤٦٣٥ وصحّحه وأقـرّه الذهبي ، والمحاملي في أماليه : ١٦٣ ح ١٣٤ ، وخرّجه الهيثمي في مجمع