فقد شـهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بافتراقِ مَن بعدَه ، وهم يشـهدون لأنفسـهم بالاجتماع ؛ هذه مناقضة ظاهرة!
وأيضاً : فإنّ حصول الاجتماع ، أُمّته عليه متّفقون ـ على اجتماع هذه الثلاث والسـبعون فرقة ، التي هي عبارة عن أُمّته ـ ، والاجتماع متّفق لهذا الحديث المجمع عليه بين المسـلمين(١).
وأيضاً : إذا تعارض الحديثان وتناقضا ، أحدهما مجمَع عليه بين المسـلمين ـ شـيعيّهم وسُـنّـيّهم ـ ، والآخر مختلَف [فيـه](٢) ، فوجب المصير إلى الحديث المتّفق عليه ؛ وهذا بيّن واضح.
والجواب الثاني : إنّـه يلزم منه الدور ؛ وذلك لأنّ الرواية له من ذلك الإجماع ، ولا يثبت الإجماع إلاّ بهذا الحديث عند مخالفينا ، ولا يثبت الحديث إلاّ بالإجماع عند من أثبته بهذا الطريق ، فتقف صحّة كلّ واحد منهما على صحّة الآخر ، فيدور(٣) ، والدور باطل ، فلا بُـدّ من كون أحدهما صادقاً والآخر كاذباً ، فلم يبق إلاّ المتّفق عليه ، وهو قوله عليهالسلام : «سـتفترق أُمّتي على ثلاث وسـبعين فرقة ، فرقة ناجية».
والجواب الثالث : إنّ الإجماع على بيعة أبي بكر لم يصحّ ؛ لأنّـا وجدنا الصحابة اختلفوا في الخلافة والنبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يُدفن ، والمهاجرون
__________________
كـتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علَيَّ الحوض».
(١) العبارة فيها اضطراب بيّن ، ومفادها واضح من أنّ الإجماع الأوّل غير متحقّق ، بـينما الإجماع على حديث الافتراق متحقّق.
(٢) ما بين المعقوفتين أضفناه لمقتضى السـياق.
(٣) بيان الدور : ثبوت الإجماع المدّعى يتوقّف على ثبوت حديث الاجتماع ، وثبوته يتوقّف على حصول إجماع الأُمّـة لروايته ، فيلزم الدور.