__________________
الله تعالى ، قال : فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانيّة ، قال : ثمّ دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظّهيرة ، قال : فدخلت على قوم لم أر قوما قطّ أشدّ اجتهادا منهم ، أيديهم كأنّها ثفن الابل ، ووجوجههم معلّمة من آثار السّجود ، قال : فدخلت ، فقالوا : مرحبا بك يا ابن عبّاس! ما جاء بك؟ قلت : جئت أحدّثكم عن أصحاب رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) عليهم نزل الوحي ، وهم أعلم بتأويله ، فقال بعضهم : لا تحدّثوه ، وقال بعضهم والله لنحدّثنّه ،
قال : قلت : أخبروني ما تنقمون على ابن عمّ رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) وختنه ، وأوّل من آمن به؟ وأصحاب رسول الله معه؟ قالوا : ننقم عليه ثلاثا ، قال : قلت : وما هنّ؟ قالوا : أوّلهنّ أنّه حكّم الرّجال في دين الله ، وقد قال الله : إن الحكم إلّا لله ، قال : قلت : وما ذا؟ قالوا : وقاتل ولم يسب ، ولم يغنم ، لئن كانوا كفّارا لقد حلّت له أموالهم ، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دمائهم ، قال : قلت : وما ذا؟ قالوا محا نفسه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ؛
[قال إبن عبّاس] : قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم ، وحدّثتكم من سنّة نبيّه (صلىاللهعليهوسلم) ما لا تنكرون ، أترجعون؟ قالوا : نعم ، قال : قلت : أمّا قولكم : حكّم الرّجال في دين الله ، فإنّ الله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ـ الى قوله : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) سورة المائدة : ٩٥ ، وقال في المرأة وزوجها : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) سورة النّساء ، الآية ٣٥ ، أنشدكم الله أحكم الرّجال في حقن دمائهم وأنفسهم ، وإصلاح ذات بينهم أحقّ أم في إرنب ثمنها ربع درهم؟ قالوا : ألّلهمّ بل في حقن دمائهم ، وإصلاح ذات بينهم ، قال : أخرجت من هذه؟ قالوا : ألّلهمّ نعم ؛