قَالَ : وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : كُنْتُ وَصِيّاً فَضَيَّعْتُ الْوِصَايَةَ ، فَأَنْتُمْ كَفَرْتُمْ وَقَدَّمْتُمْ عَلَيَّ غَيْرِي وَأَزَلْتُمُ الْأَمْرَ عَنِّي ، وَلَمْ أَكُ كَفَرْتُ بِكُمْ ، وَلَيْسَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ الدُّعَاءُ إِلَى أَنْفُسِهِمْ ، فَإِنَّمَا تَدْعُوا الْأَنْبِيَاءُ إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَالْوَصِيُّ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ مُسْتَغْنٍ عَنِ الدُّعَاءِ إِلَى نَفْسِهِ ، ذَلِكَ لِمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى :
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (١)
فَلَوْ تَرَكَ النَّاسُ الْحَجَّ لَمْ يَكُنِ الْبَيْتُ لِيَكْفُرَ بِتَرْكِهِ إِيَّاهُ ، وَلَكِنْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِتَرْكِهِ ، لِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ نَصَبَهُ لَهُمْ عَلَماً ، وَكَذَلِكَ نَصَبَنِي عَلَماً ، حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلىاللهعليهوسلم) : يَا عَلِيُّ أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْكَعْبَةِ يُؤْتَى إِلَيْهَا وَلَا تَأْتِي (٢) ؛
فَقَالُوا : وَهَذِهِ لَكَ خَرَجْتَ مِنْهَا وَحَجَجْتَنَا ، فَأَذْعَنُوا مَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ رَجُلٍ مِمَّنْ قَعَدُوا عَنْهُ (٣) ؛
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٩٧.
(٢) تقدّمت قبل قليل مصادر هذا الحديث ، وهو مشهور بل متواتر.
(٣) قال الحافظ عبد الرزّاق الصّنعاني في مصنّفه ج ١٠ (صلىاللهعليهوسلم) ١٥٧ : الحديث : ١٨٦٧٨ : أخبرنا عبد الرزّاق عن عكرمة بن عمّار ، قال : حدّثنا أبو زميل الحنفي قال : حدّثنا عبد الله بن عبّاس رضى الله عنه قال :
لمّا إعتزلت الحروراء فكانوا في دار على حدتهم ، فقلت لعليّ : يا أمير المؤمنين أبرد عن الصّلاة لعلّي آتي هاؤلاء القوم فأكلّمهم ، قال : إنّي أتخوّفهم عليك ، قلت : كلّا إن شاء