فأيّ دليل أوضح من هذا الدّليل في عدم قعوده عن طلب حقّه بالسّيف ؛
١٣٢ ـ ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا بُويِعَ لَهُ ، وَنَكَثَ مَنْ نَكَثَ [فَ] طَلَبَهُمْ عَلَى النَّكْثِ وَقَاتَلَهُمْ عَلَيْهِ ، وَقَدْ خَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ :
__________________
قَالَ : وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : إِنَّهُ قَاتَلَ وَلَمْ يَسْبُ وَلَمْ يَغْنَمْ ، أَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ عَائِشَةَ؟ أَمْ تَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا تَسْتَحِلُّونَ مِنْ غَيْرِهَا ، فَقَدْ كَفَرْتُمْ ، وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ كَفَرْتُمْ وَخَرَجْتُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ ، إِنَّ اللهَ يَقُولُ : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (سُورَةَ الْأَحْزَابِ ، الْآيَةَ ٦.) فَأَنْتُمْ مُتَرَدِّدُونَ بَيْنَ ضَلَالَتَيْنِ ، فَاخْتَارُوا أَيَّتَهُمَا شِئْتُمْ أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا : اللهُمَّ نَعَمْ ؛
قَالَ : وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : مَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) دَعَا قُرَيْشاً يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يُكْتَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَاباً ، فَقَالَ : اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، فَقَالُوا : وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ ، وَلَا قَاتَلْنَاكَ ، وَلَكِنْ اكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، فَقَالَ : وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ حَقّاً وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي اكْتُبْ يَا عَلِيُّ! مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، فَرَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهِ عَنْهُ ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا : أَللهُمَّ نَعَمْ ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ أَلْفاً ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَقُتِلُوا ؛
قَالَ أحمد الْمَحْمُودِيُّ : هَذِهِ الْمُنَاشَدَةُ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ ابْنُ الْجَوْزِيُّ الْمُتَوَفَّى (٥٩٧) فِي كِتَابِهِ تَلْبِيسِ إِبْلِيسَ فِي بَابِ : ذِكْرِ تَلْبِيسَ إِبْلِيسَ عَلَى الْخَوَارِجِ : (صلىاللهعليهوسلم) ٩١ ، مَعَ اختلافٍ فِي الْأَلْفَاظِ. وَذَكَرَ اليافعيُّ فِي مِرْآةِ الْجِنَانِ ج ١ (صلىاللهعليهوسلم) ١١٤. وَذَكَرَ أَيْضاً أَبُو يُوسُفَ الْبسوي فِي الْمَعْرِفَةِ وَالتَّارِيخِ ، ج ١ ، (صلىاللهعليهوسلم) ٥٢٢. وَالْعَلَّامَةُ المَقْدِسِيُّ فِي البَدْءِ وَالتَّارِيخِ ، ج ٥ (صلىاللهعليهوسلم) ٢٢٣.