مسلما كان أو ذمّيّا ، ينتاب بابه الأمراء والملوك ، فيساوي في إقباله عليهم بين المالك والمملوك.
وسمعت فخر الدّين عمر بن يحيي الكرخيّ يقول : يا اخي ، الشيخ أشهر من ان يوصف ، بل أقول تعذّر وجود مثله في اعصار كثيرة على ما بلغني من سيرة العلماء.
ولّي الشيخ قضاء القضاة في جمادى الأولى سنة اربع وستّين على كره منه ، سمعت العماد يحيى بن احمد الحسنيّ الشّريف يقول : الشيخ عندي في الرتبة على قدم أبي بكر ، والشيخ زين الدّين الزّواويّ على قدم عمر ، فما رأت عينيّ مثلهما.
وقال أيضا : كان الشيخ ، والله ، رحمة على المسلمين ، ولولاه راحت أملاك النّاس لمّا تعرّض اليها السلطان ركن الدّين ، فقام فيها مقام المؤمنين الصّدّيقين ، وأثبتها لهم ، وبذل مجهوده معهم ، وعاداه جماعة الحكّام ، وعملوا في حقّه المجهود ، وتحدّثوا فيه بما لا يليق ، ونصره الله عليهم بحسن نيّته. يكفيه هذا عند الله تعالي.
سمعت الإمام عماد الدّين محمد بن عبّاس بن احمد الرّبعيّ بالبيمارستان النّوريّ يقول : رحمة الله على الشيخ شمس الدّين ، كان كبير القدر ، جعله الله تعالي رحمة على المسلمين ، ولولاه كانت أملاك النّاس أخذت منهم.
ثمّ ساق ابن الخبّاز ثناء جماعة كبيرة من الفضلاء على الشيخ ، وساق فضلا طويلا في نحو مائتي ورقة ، فيه منامات مرئيّة من عدد كثير للشيخ ، كلّها يدلّ على حسن حاله ، وانّه من أهل الجنّة.
وقد اثنى عليه الشيخ قطب الدّين وقال (١) : ولي القضاء مكرها ، وباشرها مدّة ، ثمّ عزل نفسه ، وتوفّر على العبادة والتّدريس والتّصنيف. وكان أوحد زمانه في تعدّد الفضائل ، والتّفرّد بالمحامد. وحجّ غير مرّة. ولم يكن
_________________
(١) في ذيل المرآة.