وكان كثير التردّد إلي مغارة الدّم ، ومغارة الجوع ، وكهف جبريل وكان يقصد زيارة قبر والده وجّه بعد العصر في كلّ جمعة ، ويقرأ «يس» و «الواقعة» وما تيسّر ، ويهديه ويدعو للمسلمين.
وحدّثني التّاج عبد الدّائم بن أحمد بن عبد الدائم أنّ شيخنا رحل إلى يونين واقام بها أربعين يوما يعبد الله ويسأله ويتضرّع اليه. وكان معه العزّ احمد بن العماد.
قال : واملي علينا الإمام مفتي الشّام محيي الدّين يحيى النّواويّ بدار الحديث ، قال : شيخنا الإمام العلّامة ، ذو الفنون من أنواع العلوم والمعارف ، وصاحب الأخلاق الرضيّة ، والمحاسن واللّطائف ، ابو الفرج ، وابو محمد ، عبد الرحمن ابن أبي عمر المقدسيّ سمع الكثير ، وسمّعه ، واسمع قديما في حياة شيوخه.
وهو الإمام المتّفق على امامة وبراعته وورعه وزهادته وسيادته ، ذو العلوم الباهرة والمحاسن المتظاهرة.
قال : وثنا الإمام ابو إسحاق اللّوريّ المالكيّ قال : كان شيخنا شيخ الإسلام ، قدوة الأنام ، حسنة الأيّام ، والرّبانيّ ، شمس الدّين عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام أبي عمر ممّن تفتخر به دمشق علي سائر البلدان ، بل يزهو به عصره علي متقدّم العصور والأزمان ، لما جمع الله له من المناقب والفضائل والمكارم الّتي أوجبت للأواخر الافتخار على الأوائل ، منها التّواضع ، مع عظمته في الصّدور ، وترك التّنازع فيما يفضي الى التّشاجر والنّفور ، والاقتصاد في كلّ ما يتعاطاه من جميع الأمور ، لا عجرفة في كلامه ولا تبعة ، ولا تعظّم في نفسه ولا تجبّر ، ولا شطط في تلبّسه ولا تكبّر ، ومع هذا فكانت له صدور المجالس والمحافل ، والي قوله المنتهي في الفصل بين العشائر ، والقبائل مع ما امدّه الله تعالى به من سعة العلم [وما] فطره عليه من الرأفة والحلم ، الحق الأصاغر بالأكابر في رواية الحديث ، الى ان كان لا يوفّر جانبه عمّن أعتمده