له نظير في خلقه وما هو عليه. وكان علي قدم السّلف الصّالح في معظم أحواله ، ورثاه غير واحد.
قلت : رثاه قريب ثلاثين شاعرا ، وكانت جنازته مشهودة ، لم نسمع بمثلها من دهر طويل ، حضرها أمم لا يحصون. وكان مقتصدا في ملبسه ، وله عمامة صغيرة بعذبة بين يديه ، وثوب مقصور ، وعلي وجهه نور وجلالة. وكان ينزل البلد على بهيمة ، ويحكم بالجامع.
ولا يسع هذا الكتاب منتخب ما أورده ابن الخبّاز وربّما اختصر ذلك (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) (١) وقد أجاز لي مرويّاته ، ولله الحمد.
وتمرّض أيّاما ، ثمّ انتقل الى الله تعالى ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الآخر ، بمنزله بالدّير ، ودفن عند والده ، رحمهما لله تعالي.
وقد رثاه القاضي شهاب الدّين محمود ، الكاتب بقصيدة طويلة أوّلها :
ما للوجود وقد علاه ظلام |
|
أعراه خطب أم عدتاه مرام (٢) |
وهي نيّف وستّون بيتا.
ورثاه الأديب البارع شمس الدّين محمد بن الصّائغ بقصيدة أوّلها :
الحال من شكوى المصيبة أعظم |
|
حيث الرّوى خصم بعيد يخصم |
وهي ستّة وخمسون بيتا.
ورثاه المولي علاء الدّين بن غانم بقصيدة حسنة ، ورثاه الشيخ محمد الأرمويّ بقصيدة قراتها عليه ، ورثاه البرهان بن عبد الحافظ بقصيدة قراتها عليه أيضا ، ورثاه مجد الدّين بن المهتار بقصيدة ، ورثاه نجم الدّين علي بن عبد الرحمن بن فليتة التّميمي الحنفيّ بقصيدة.
_________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٥٤.
(٢) البيت من أبيات في : ذيل مرآة الزمان ٤ / ١٨٧ ـ ١٩٠ ، ونهاية الأرب ٣١ / ١١٦ ، والسلوك ج ١ ق ٣ / ٧٢٠ ، وتاريخ ابن الفرات ٧ / ٢٨٦.